عاجلعاجل

تصعيد الحوثيين.. تلميع لصورة الجماعة أم ذريعة لتكثيف التواجد الأجنبي في البحر الأحمر؟

تصعيد الحوثيين.. تلميع لصورة الجماعة أم ذريعة لتكثيف التواجد الأجنبي في البحر الأحمر؟

المجهر- تقرير خاص

صعدت جماعة الحوثيين من هجماتها ضد ما أسمتها "السفن الإسرائيلية"، في المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر بالتزامن مع استمرار الحرب على قطاع غزة الفلسطيني.

وقفز باب المندب، المنفذ اليمني الاستراتيجي على البحر الأحمر، إلى الواجهة، مع إعلام جماعة الحوثيين احتجاز سفينة إسرائيلية، واستهداف مختلف السفن المملوكة أو التي تديرها إسرائيل, وهذا التطور قد يُحدث صدى واسع على التجارة الدولية, وفق مراقبين.

في الثالث من ديسمبر/ كانون أول الجاري، أعلنت جماعة الحوثيين استهداف سفينتين إسرائيليتين في باب المندب، وهما سفينة (يونِتي إكسبلورر) وسفينة ( نمبر ناين).. حيث جرى استهداف السفينة الإسرائيلية الأولى بصاروخ بحري والسفينة الثانية بطائرة مسيرة بحرية، بحسب تصريحات الناطق العسكري للجماعة.

ويرى مراقبون أن هذا التصعيد ضد السفن في المياه الإقليمية اليمنية يأتي من أجل تحقيق أهداف سياسية داخلية وخارجية، تخدم التواجد الإيراني في أهم الممرات التجارية العالمية، وكذلك الضغط إقليميًا من أجل تقديم تنازلات تجعل الحوثي، الطرف المستفيد من مفاوضات السلام التي تجري بالسعودية.

ويؤكدون أن عمليات الحوثيين الأخيرة مهدت لتكثيف التواجد العسكري الأجنبي في البحر الأحمر بذريعة تأمين الملاحة الدولية, حيث دفعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بسفن حربية جديدة وغواصات إلى المنطقة, فيما أعلنت إسرائيل أنها ستعزز تواجدها العسكري في البحر الأحمر, وهو ما يطرح تساؤلات عدة حول الأجندة التي ينفذها الحوثيون من خلال تهديدهم المستمر لحركة الملاحة البحرية.

هروب واستغلال

يعتقد مراقبون أن الجماعة لجأت إلى استغلال القضية الفلسطينية وأحداث غزة، هروبًا من دفع استحقاقات كثيرة، أبرزها ملف الرواتب، والذي خطف الأنظار وبرز من خلال إضراب المعلمين في مختلف المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وتسبب بخروج مظاهرات رافضة لحكم الحوثي، مؤكدة على فشله الإداري لمؤسسات الدولة ونهبه المستمر للإيرادات.

ويرى الكاتب في الشؤون السياسية، أحمد شوقي، إن جماعة الحوثيين عملت على استغلال القضية الفلسطينية والاحداث الأخيرة في غزة على مناصرة القضية، وإطلاق الصواريخ باتجاه اسرائيل بهدف الهروب من استحقاقات محلية كانت تفرض عليه صرف المرتبات وتقديم الخدمات في مناطقها خاصة وأن مبرر العدوان الذي كانت تستخدمه الجماعة لنهب الشعب اليمني واستغلال الموارد لمصلحته الخاصة قد توقف منذ بدء الهدنة قبل عام ونصف.

وفي تصريح خاص لـ "المجهر" أضاف شوقي أن جماعة الحوثي، واجهت احتقان شعبي كبير لعملياتها، وعملت على مواجهة هذا الاحتقان بإشعال معركة جديدة تستطيع من خلالها تكميم أصوات الناقدين لها، كما تتخذها طريقة لشرعنة وجودها في الداخل من خلال ادعائها أنها ضمن معركة غزة والدفاع عن القضية الفلسطينية مستغله موقع القضية الفلسطينية بأنها مسألة مبدأ لدى الشعوب العربية وخلق بطولات باسم مناصرة غزة.

وكانت جماعة الحوثيين، قد أعلنت نهاية أكتوبر/ تشرين أول الماضي، إطلاق دفعة من الصواريخ البالستية، وعدد من الطائرات المسيرة تجاه إسرائيل، وهذا منحها ضوء أخضر لتكتيم الأصوات المناوئة ومواجهة الاحتقان الشعبي عبر استغلالها القضية الفلسطينية.

إلى ذلك، قامت جماعة الحوثي بحملات جباية على التجار والمواطنين، وسعت لنهب الأموال في المناطق الخاضعة لسيطرتها تحت ذريعة نصرة غزة والأقصى مستغلة التعاطف الشعبي تجاه القضية الفلسطينية.

اقرأ أيضا: جوازات تعز.. توجهات سياسية في وجه عملية التدوير الوظيفي (تقرير خاص)

أجندة خارجية

في التاسع عشر من نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، أعلن الحوثيون اختطاف السفينة "جالاكسي ليدر "، والتي تربض حاليًا قبالة ميناء الحديدة اليمني، الذي تسيطر عليه الجماعة ولا يزال طاقهما محتجزًا حتى اليوم.

من جهتها, أدانت الحكومة اليمنية الحادثة، مؤكدة أن اختطاف السفينة ليس له أي تأثير على الاحتلال الإسرائيلي، بل يؤثر بشكل مباشر على حركة التجارة الدولية في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب وقناة السويس، فضلًا أنها محاولة لشرعنة الوجود الأجنبي في المضايق البحرية بالمنطقة بحجة حماية الممرات الدولية من أعمال القرصنة.

سياسيون يمنيون، أكدوا أن جماعة الحوثي تسعى من خلال تهديدها السفن لتحسين موقعها التفاوضي، نتيجة علمها بأن الولايات المتحدة الامريكية لا تريد خوض حرب بالشرق الأوسط على الأرض مع أي قوة في البلدان العربية وإدراكها أن الأمريكيين يسعون منذ بداية الحرب للسلام.

وأشاروا إلى أن جماعة الحوثي تعتمد سياسة الابتزاز، وأن الهدف من استهداف السفن هو الضغط على القوى الإقليمية -بأنها قوة لا يمكن ردعها- خصوصًا الإدارة الأمريكية، والتي لم تتخذ مواقف عملية تجاه الجماعة، وهذا ما يجعل الحوثيين يتقدمون برسائل للسعودية والإمارات بأن الولايات المتحدة نفسها غير قادرة على الدخول في صراع عسكري مع الحوثيين، لإجبار دول الخليج والشرعية على تقديم التنازلات وعقد صفقات لصالحها مقابل وقف التهديدات عليها.

وبهذا الصدد, يتحدث رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبد السلام محمد لـ "المجهر": قائلا "جماعة الحوثي تقوم بهذه التحركات بإيعاز من إيران لقدرتها على إغلاق مضيق باب المندب، وقد تحقق الجماعة أكثر من طموحاتها من خلال عقد صفقات مع السعودية والحكومة اليمنية، وأيضا استمرار الجماعة بالعمل العسكري وتهديد الممرات التجارية الدولية لتحقيق المصالح الإيرانية بالسيطرة على اليمن سيطرة كاملة لتكون قاعدة عسكرية بجوار دول الخليج النفطية".

ويشير محمد إلى أن ما تقوم به جماعة الحوثي، هو متفق عليه بين إيران وإسرائيل وأمريكا من أجل منع توسيع الصراع الإقليمي، مقابل القيام بعمليات عسكرية بعيدة من قبل الأطراف التابعة لإيران حتى لا تخسر إيران شعبيتها في الدول العربية حيث أنها تدعي دعمها لفصائل المقاومة الفلسطينية.

مواقف دولية

وصف كثيرون عملية استهداف السفن، بالعمل الإرهابي، الممتد لسلسلة المسرحيات الإيرانية الهزلية من جنوب لبنان وصولاً لليمن والتي تهدف إلى غسيل سمعة طهران وما يسمى "محور المقاومة" والتشويش على حقيقة متاجرتهم طيلة عقود بالشعارات والخطب والعنتريات الفارغة عن فلسطين والقدس والأقصى.

الخارجية البريطانية، بدورها أدانت الاحتجاز الغير قانوني للسفينة "غالاكسي ليدر" من قبل جماعة الحوثي في البحر الأحمر، ودعت للإفراج عنها وعن طاقمها فورًا، وبلا شروط ولا بد وأن تتحمل إيران مسؤولية أفعال شركائها والجماعات التي تدعمها طهران في الخارج.

من جهته، أدان مجلس الأمن الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي، على سفينة تجارية في البحر الأحمر وطالب المجلس بوقف جميع الهجمات والتصرفات والإفراج الفوري عن السفينة "ليدر" وطاقمها وشدد على أهمية الحقوق والحريات الملاحية لجميع السفن في خليج عدن والبحر الأحمر بموجب القانون الدولي وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لمواجهة التهديدات التي يتعرض لها السلام والأمن في المنطقة.

وفي وقت سابق، كانت جماعة الحوثي قد أقامت عرضًا عسكريًا تعبويًا شارك فيه، ما يقارب 16 ألف مجند، تحت مسمى دفعة "طوفان الأقصى"، حيث قال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، إنهم مستعدون للدفع بمئات الآلاف من المقاتلين في حال وجود معبر إلى فلسطين، وتلك هي الدعاية التي تعمد الحوثي استخدامها لتحقيق أهدافه عبر استغلال القضية الفلسطينية.

اقرأ أيضا: الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين في البحر الأحمر وإسرائيل تتوعد بالرد (تفاصيل)