تصعيد الانتقالي يُثير تحذيرات دولية وإقليمية من انقلاب موازٍ يُربك مسار السلام (تقرير خاص)

تصعيد الانتقالي يُثير تحذيرات دولية وإقليمية من انقلاب موازٍ يُربك مسار السلام (تقرير خاص)

تتجه التطورات العسكرية الأخيرة شرق اليمن نحو خلط المشهدين السياسي والأمني، بعد بسط قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، سيطرتها على محافظتي حضرموت والمهرة، على حساب وحدات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للقوات المسلحة في الحكومة الشرعية، وإقصاء القوات القبلية التي تحمل مسمى قوات حماية حضرموت بقيادة عمرو بن حبريش.

هذه التطورات أعادت إلى الواجهة مخاوف واسعة على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي من مسارٍ موازٍ لانقلاب جماعة الحوثي الإرهابية في صنعاء، يقوم على فرض الأمر الواقع بالقوة، وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية خارج الأطر الدستورية والتوافقات الوطنية.

فعلى المستوى الدولي، يبدو الموقف موحَّد نسبياً في الرفض السياسي للإجراءات الأحادية ودعوة للتهدئة وحل تفاوضي يحفظ وحدة اليمن وسيادته، إلا أن ثغرات في الموقف الإقليمي (التباين بين مقاربات السعودية والإمارات) وما تُظهره الوقائع الميدانية من تغيّر سريع في ميزان القوى هو ما فرض إعادة ترتيب نفوذ فعلي على الأرض بدلاً من أن يتبلور موقف فعّال وجامع في مواجهة الحوثيين.

لكن النتيجة الأكثر خطورة هي أن استمرار التهديد لبنية الدولة والحكومة الشرعية قد يفتح باباً لتعقيدات أكبر، من احتمالية التدخلات الإقليمية المباشرة إلى مضاعفات تؤثر على أمن المنطقة والملاحة الدولية، هذا إلى جانب تفاقم الوضع الانساني والاقتصادي المتدهور أصلًا في البلاد.

 

المرجعيات السياسية

 

لم يمر التصعيد الميداني للانتقالي دون ردود فعل دولية، إذ أكد مجلس الأمن الدولي دعمه الصريح لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية باعتبارهما الإطار الشرعي المعترف به دولياً.

وجدد مجلس الأمن في بيان صحفي، التزامه بوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، كما شدد على ضرورة خفض التصعيد وتعزيز المسار الدبلوماسي، وهو نفس الاتجاه الذي دعمه الاتحاد الأوروبي في بيانه بخصوص التطورات في اليمن.

وفي وقت سابق، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الإجراءات الأحادية في اليمن تعمق الانقسامات وتزيد من خطر التصعيد، وهو تحذير رأى فيه مراقبون توصيفاً دقيقاً لتداعيات تحركات المجلس الانتقالي، كونها تُعيد إنتاج مناخ الانقسام ذاته الذي مهد لانقلاب الحوثيين قبل أكثر من إحدى عشر خريفاً.

كما كرر سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا دعمهم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليا، وفي الوقت ذاته لم يخفوا قلقهم من مخاطر تفكك التوافق الوطني على مسار السلام، وذلك خلال لقاءاتهم بالرئيس العليمي ورئيس الحكومة سالم بن بريك.

وعلى المستوى الرسمي، كرر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي خلال اجتماعه بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، تحذيره من الإجراءات التي اتخذها المجلس الانتقالي في حضرموت والمهرة، واعتبرها تهديداً مباشراً لوحدة القرار والمركز القانوني للدولة، لأنها ستفتح باب صِدام داخلي وستكون جماعة الحوثي المدعومة من إيران أكبر المستفيدين منه.

وأكد العليمي أن تحديد المواقف السياسية العليا هو اختصاص حصري لمجلس القيادة الرئاسي ومؤسسات الدولة وليس لأي كيان آخر، محذراً من أن تجاوز هذه الصلاحيات يُقوض مرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

وفي بيان سابق، شدد العليمي على أن هذه الإجراءات تمثل خرقاً صريحاً للمرجعيات السياسية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني والعسكري، وتقويضاً لسلطة الحكومة الشرعية، بما ينعكس سلباً على الاستقرار ومستقبل العملية السياسية برمتها، فضلاً عن تأثيرها على التزامات اليمن تجاه أمن الممرات المائية والمجتمع الدولي.

ولم يغفل الرئيس العليمي عن دعوة الشركاء في المجلس الانتقالي إلى تغليب الحكمة والحوار، وعدم الإضرار بالمكاسب المحققة، والالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية الذي يتبناه مجلس القيادة الرئاسي للسير نحو إنهاء انقلاب جماعة الحوثي.

 

خلافات جنوبية

 

عكست التغطية الإعلامية والتحليلات الصادرة عن كُتَّاب وصحفيين سعوديين بارزين، موقفًا ناقدًا وحذرًا تجاه تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي شرق اليمن، معتبرةً أن ما جرى في حضرموت والمهرة يشكل تهديدًا مباشرًا لمسار الشرعية اليمنية، ويعيد إنتاج سيناريو الانقلاب الحوثي الذي أدخل البلاد في صراعات مفتوحة لأكثر من عقدٍ من الزمن.

في هذا الاتجاه، كتب الإعلامي السعودي البارز عبد الرحمن الراشد تحليلاً لافتاً، أكد فيه بأن مستقبل اليمن يقرره اليمنيون وحدهم، وحذر من التبعات الخطيرة لتحركات رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، لا سيما توجيه قواته نحو حضرموت المحافظة الأكبر مساحةً وثقلاً، والتي تفوق الضالع مركز ثقل الانتقالي بنحو 48 مرة.

وفي مقالٍ له بصحيفة الشرق الأوسط بعنوان "الانتقالي فتح عشّ الانفصاليين"، اعتبر الراشد أن ما جرى في حضرموت لم يكن سوى استعراض فاشل للقوة، أدى إلى نبش الخلافات الجنوبية–الجنوبية بدل توحيد الصف.

وذهب الراشد إلى أبعد من ذلك، فقد وصف الانتقالي بأنه "مشروع حوثي آخر"، محذرًا من خطورته على اليمن ودول الجوار، ومؤكدًا أن الإشكالية لا تكمن في فكرة الانفصال بحد ذاتها، وإنما في قيادة الانتقالي التي تحولت بحسب تعبيره، إلى عبء سياسي وأمني.

كما أكد أن السعودية ومعها سلطنة عُمان، تظل الدولتين الأكثر تأثيرًا واستدامة في اليمن بحكم اتصالهما الجغرافي والديمغرافي، وأن أي مشروع سياسي يمني لا يمكن أن ينجح دون توافق واضح مع الرياض، محذرًا من أن المضي في مشروع الانفصال دون قبول يمني واسع ودعم سعودي صريح قد يؤدي إلى تدمير الرابطة الجنوبية نفسها بدل ترسيخها.

 

مخاطر إقليمية

 

يتواصل الخطاب ذاته في تحليلات كُتَّاب سعوديين آخرين، إذ اعتبر الكاتب علي الخشيبان أن طرح خيار الانفصال في اليمن يمثل مغامرة بالغة الخطورة، لا تهدد اليمن فحسب، بل تمتد آثارها إلى أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

وحذر الخشيبان في مقالٍ له، من أن أي احتكام للخيار العسكري في هذا المسار لا يعني سوى إعادة تعريف الفوضى وفتح الباب أمام تهديدات استراتيجية تتجاوز ما يُسوّق له إعلاميًا، مشيرًا إلى أن تصاعد الخطاب الانفصالي يتجاهل تعقيدات المشهد الجيوسياسي في ظل استمرار انقلاب الحوثيين وتعدد بؤر الصراع.

وشدد على أن المنطقة والعالم غير مستعدين لقبول حدود جغرافية جديدة في اليمن، وأن إسقاط تجارب انفصالية سابقة على الحالة اليمنية يمثل قراءة سطحية للواقع، لافتًا إلى أن الجغرافيا السياسية لليمن مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأمن الجزيرة العربية، وفي مقدمتها أمن المملكة العربية السعودية.

وأكد الخشيبان أن أي محاولة للانقلاب على وحدة اليمن تُعد مغامرة استراتيجية مرفوضة إقليميًا ودوليًا، مؤكدًا ثبات الموقف السعودي الداعم للقضية الجنوبية كقضية عادلة تُعالج ضمن حل سياسي شامل وفي إطار الدولة اليمنية الواحدة.

من جانبه، حمّل الصحفي السعودي عبدالله آل هتيلة، المجلس الانتقالي مسؤولية أي حروب أو صراعات قد تندلع في اليمن نتيجة سيطرته على حضرموت والمهرة، معتبرًا أن هذه التحركات ستقود إلى تدهور أمني ومعيشي مضاعف، في وقت يقف فيه غالبية اليمنيين إلى جانب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية في مواجهة ما وصفه بالمشاريع التخريبية.

وفي قراءة عميقة يرى الأكاديمي السعودي تركي الفيلان، أن تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017 أسهم في تحويل الجغرافيا اليمنية من عامل ضغط استراتيجي على جماعة الحوثي إلى عامل استنزاف مباشر للمملكة العربية السعودية، وهو ما يعكس تحول الانتقالي من شريك مفترض في مواجهة الانقلاب الحوثي إلى عبء أمني وسياسي على التحالف الداعم للشرعية.

أما الباحث والكاتب السياسي السعودي سلمان الأنصاري، فاعتبر في تدوينته على إكس، أن تمرد الانتقالي يعكس "قُصر نظر"، واصفاً بأن قيادة المجلس أقدمت على "إطلاق النار على أقدامها" عبر تسريع الخطوات وحرق المراحل السياسية، ما يهدد مستقبل المشروع الجنوبي ويضع المكاسب السابقة على المحك.

وأكد الأنصاري المُقرب من دوائر صُنع القرار في السعودية، أن الانتقالي أضاع فرصة تاريخية لإدارة المرحلة بشراكة محلية حقيقية، مفضلًا التحول إلى كيان متمرد منبوذ إقليميًا ودوليًا، محذرًا من أن هذا المسار قد يفتح الباب أمام عقوبات دولية قاسية عليه.

 

أطماع الزبيدي

 

تتمسك المملكة العربية السعودية بقرار انسحاب قوات الانتقالي من محافظات شرق اليمن باعتباره الأساس لأي خطوة قادمة مع المجلس الانفصالي، إذا أكدت في بيان لوزارة الخارجية، الخميس، على أن التحركات التي قام بها الانتقالي في محافظتي حضرموت والمهرة بشكل أحادي قد أضرت بمصالح الشعب اليمني والقضية الجنوبية وجهود التحالف.

وأشار البيان السعودي إلى أن القضية الجنوبية قضية عادلة ولها أبعادها التاريخية والسبيل الوحد لحلها سيكون عبر جلوس الأطراف على طاولة الحوار ضمن الحل السياسي الشامل، مجددا دعم المملكة لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية في تحقيق الاستقرار والتنمية والسلام.

الموقف السعودي الرسمي تزامن مع كتابات سعودية اعتبرت تحركات الانتقالي الجنوبي خدمة لطموحات رئيسه عيدروس الزبيدي وأطماعه الشخصية، بعيدا عن عدالة القضية الجنوبية، حيث اعتبر الكاتب السياسي عضوان الأحمري أن سلوك الانتقالي أسهم في تعطيل معركة استعادة صنعاء وخدمة أجندات تتقاطع مع مصالح الحوثيين.

ويوضح الأحمري أن تشكيل الانتقالي عقب إقالة الزبيدي من منصبه محافظا لعدن عام 2017 كان أشبه بنموذج انقلاب إقليمي، معتبرا أن المجلس وجه سلاحه نحو الشرعية بدلا عن الحوثيين ما أدى إلى تفجير صراعات داخلية أضعفت الجبهة الوطنية.

ويؤكد الكاتب السعودي أن الادعاءات بشأن الاستقلال ليست سوى ورق من عدة أوراق سياسية يستخدمها الزبيدي لتحقيق مكاسب سلطوية، محذرا من محاولة استدعاء أطراف إقليمية ودولية لخدمة مشروع شخصي يهدد وحدة اليمن واستقراره.

 

الشراكة الوطنية

 

على الصعيد المحلي، تصاعدت التحذيرات الصادرة عن مسؤولين حكوميين وبرلمانيين وكُتَّاب وصحفيين يمنيين من خطورة التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الشرقية، حيث حذر التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية من خطورة تأييد وزراء للإجراءات الأحادية للانتقالي معتبرة ذلك خروجا صريحا على الشرعية الدستورية، وإعلان نقل السلطة، وتهديدا لوحدة القرار الوطني وتماسك الحكومة.

تلى ذلك بيانين لوزارتي الداخلية والتعليم العالي، إذ جددت الأولى تأكيدها على رفض تسييس القوات المسلحة والأمن وحظر التحاق منتسبيها بأي نشاط حزبي أو سياسي، وأكد الثانية على دعمها للشرعية ونفت علاقتها بأي إعلانات أخرى معبرة عن إدانتها لاقتحام مقرها في العاصمة المؤقتة عدن.

 وفي السياق، أكد مستشار مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الكتلة البرلمانية للتجمع اليمني للإصلاح عبدالرزاق الهجري، أن هذه التحركات تمثل خطوات أحادية تقوض سلطة الدولة، وتفتح الباب أمام إنشاء سلطات موازية بما ينسف جوهر الشراكة الوطنية، ويضرب أسس المرحلة الانتقالية.

بدوره، أصدر الحزب الاشتراكي اليمني، أمس الثلاثاء، بيانًا حذر فيه من مخاطر الإجراءات الأحادية والتصعيد السياسي داخل مؤسسات الدولة، مؤكداً تمسكه بالتوافق الوطني والحفاظ على مؤسسات السلطة الشرعية.

وجاء البيان عقب ظهور وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات بالإنابة واعد باذيب، المحسوب على الحزب، في تسجيل مصور يؤيد تحركات المجلس الانتقالي، ما أثار جدلاً واسعًا داخل التحالف الحكومي وسط تساؤلات حول موقف الحزب من ظهوره.

ورغم عدم تناول بيان الحزب موقف صريح أو اتخاذ إجراءات عقابية من ظهور باذيب، إلا أنه شدد على أن الزج بالحكومة في صراعات استقطابية، أو تبادل بيانات سياسية داخلها، قد يقود إلى الشلل والعجز ويؤثر سلبًا على الأوضاع المعيشية للمواطنين، في إشارة إلى خطورة محاولة الالتفاف على مؤسسات الدولة من داخلها لصالح أجندة الانتقالي.

من جانبه، قال نائب وزير الخارجية اليمني مصطفى نعمان، في مقابلة مع قناتي "العربية والحدث"، إن عيدروس الزبيدي حاول التواصل مع الإدارة الأمريكية لكنه لم يلقَ أي استجابة، ووصف نعمان مواقف بعض الوزراء والمسؤولين التابعين للانتقالي والمؤيدين لتحركاته بأنها "مثيرة للسخرية"، مشيرًا إلى أنهم اتخذوا تلك المواقف تحت الضغط، في تأكيد على أن الانتقالي يحاول مصادرة إرادة الجنوبيين أنفسهم لاستكمال اختطاف القضية الجنوبية.

وكانت وزارات يمنية عدة قد أعلنت سابقا في بيانات منفردة، رفضها القاطع لاستخدام مؤسسات الدولة وهيئاتها في أي اصطفافات أو مشاريع سياسية أحادية، وأكدت التزامها بالمرجعيات الدستورية، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين التزامًا بتوجيهات رئيس مجلس القيادة بشأن حماية حياد العمل المؤسسي. 

وفي لهجة أكثر حدة، اعتبر وكيل وزارة النفط والمعادن المهندس شوقي المخلافي، أن ما يقوم به الانتقالي من فرض أمر واقع بقوة السلاح يُعد تمردًا يجب مواجهته، مؤكدًا أن التصريحات والمواقف الصادرة عن بعض الوزراء المحسوبين على الانتقالي تمس وحدة الوطن وثوابته، وتستوجب اتخاذ إجراءات قانونية صارمة، مشدداً بأن المرحلة لم تعد تحتمل الاكتفاء بالشجب والبيانات، وأن التمرد لا يُواجَه إلا بإجراءات رادعة تحمي الدولة وهيبتها.

من جهته، أكد وكيل وزارة الإعلام محمد قيزان، أن غياب الصوت الجنوبي الوحدوي عن المشهد يفتح المجال أمام الانتقالي لادعاء تمثيل الجنوب والشرق، داعياً الأصوات الوحدوية الجنوبية التصدي بوضوح لهذا الادعاء، والتأكيد على أن المجلس الانتقالي مجرد مكوّن سياسي لا يمثل الجنوب ولا المحافظات الشرقية.

 

الشرعية اليمنية

 

ذهب عضو مجلس النواب علي عشال، إلى توصيف أكثر مباشرة للتطورات شرق اليمن، معتبراً تحركات المجلس الانتقالي انقلابًا مكتمل الأركان على الشرعية ولا يقل خطورة عن انقلاب جماعة الحوثي في صنعاء.

وأوضح عشال في منشور على صفحته في "فيسبوك"، أن هذا الانقلاب يقوم على فرض أمر واقع سياسي وعسكري في المحافظات المحررة، وتقويض الاتفاقات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وعلى رأسها اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة، بما يفرغ الشرعية من مضمونها، ويضرب وحدة القرار والسيادة من داخل معسكرها، ويضع اليمن أمام خطر انقلابين متوازيين يهددان بإنهاء ما تبقى من كيان الدولة.

من جهته، حذر عضو مجلس الشورى صلاح باتيس من أن ما قامت به قوات المجلس الانتقالي في حضرموت يرقى إلى جريمة مكتملة الأركان، معربًا عن مخاوفه من إنشاء سجون سرية وحالات إخفاء قسري بحق قادة عسكريين، داعياً الانتقالي إلى التراجع السريع، ومحذرًا من تكرار سيناريوهات دموية شهدتها حضرموت في سبعينيات القرن الماضي.

وفي موقف صارم كعادتها، أكدت الصحفية اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان أن الوحدة اليمنية منذ توقيع اتفاقيتها هي وحدة أبدية لا يجوز المساس بها تحت أي ظرف، معتبرة في منشور لها على "فيسبوك"، أن الدعوة إلى الانفصال أو التحريض على تفكيك الكيان الوطني جريمة كبرى تستوجب الرد بأقصى الوسائل.

بدوره، يرى الكاتب والصحفي اليمني سيف الحاضري، أن تمرد المجلس الانتقالي على الشرعية بات يأخذ أبعادًا إقليمية، معتبرًا أن ما يجري يمثل تمردًا إماراتيًا غير مباشر على مسار التوافق مع الرياض.

وأكد الحاضري في تدوينة له على منصة "إكس" أن مطالبة السعودية بالوفاء بالتزاماتها تجاه اليمن لا تنطلق من خصومة وإنما لكونها قائدة التحالف العربي الذي أعلن صراحة دعم الشرعية، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة مؤسسات الدولة، والحفاظ على وحدة اليمن وسيادته، معتبراً أن أي تساهل مع مسار الانتقالي من قبل التحالف العربي يُعد إخلالًا بهذه الالتزامات، ويفتح الباب أمام تقويض ما تبقى من مشروع استعادة الدولة.