التغير المناخي يهدد التنوع في سقطرى وسط تحذيرات من فقدان نظامها البيئي الفريد

التغير المناخي يهدد التنوع في سقطرى وسط تحذيرات من فقدان نظامها البيئي الفريد

تشهد جزيرة سقطرى اليمنية، المصنّفة كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو، تهديدات متسارعة تهدد تنوعها البيولوجي الفريد، في ظل تصاعد آثار التغير المناخي الذي يُعد الخطر الأكبر على مستقبل الجزيرة، حسب تحذيرات علماء البيئة. 

وفي تقرير حديث نشرته شبكة NBC الأميركية، قال عالم البيئة كاي فان دامه، الذي عمل في سقطرى لأكثر من عشرين عامًا، إن الجزيرة، التي تُعرف بـ"غالاباغوس المحيط الهندي"، تواجه خطر فقدان ملايين السنين من التطور البيولوجي بسبب الظواهر المناخية القاسية والنشاط البشري المتزايد. 

وأوضح فان دامه أن التغير المناخي، بما فيه الأعاصير المتكررة وموجات الجفاف الطويلة، تسبب في تدمير الشعاب المرجانية وتآكل التربة واندثار نباتات نادرة. 

وأضاف أن أشجار اللبان المتوطنة تواجه "تهديدًا غير مسبوق"، حيث صنّف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة أربعة أنواع منها على أنها "مهددة بالانقراض بدرجة حرجة"، ما يعكس حجم التدهور البيئي. وتساهم عوامل بشرية مثل الرعي الجائر في تفاقم الأزمة، إذ يمنع الماعز تجدد الغطاء النباتي، ويزيد من هشاشة النظام البيئي للجزيرة. 

وفي حين أصبحت السياحة مصدر دخل مهم لسكان سقطرى، الذين يناهز عددهم 60 ألف نسمة، فإن ارتفاع أعداد الزوار يشكّل ضغطًا إضافيًا على المنظومة البيئية. ورغم تحديد السلطات سقفًا سنويًا بـ4500 زائر، وتقييد إقامة الفنادق في المناطق الحساسة، تشير تقارير ميدانية إلى مخالفات واسعة، منها إشعال نيران تحت الأشجار النادرة، وترك نفايات، وتشغيل طائرات مسيّرة تزعج الطيور. 

وحذّر عبدالرؤوف الجمحي، وهو دليل سياحي محلي، من أن السياحة قد تتحول إلى عبء كارثي إن لم تُدار وفق ضوابط صارمة، شبيهة بما هو معمول به في جزر غالاباغوس، حيث تُفرض رسوم حماية بيئية ويُشترط مرافقة مرشدين معتمدين. 

ولا تقتصر الضغوط على البيئة، بل تمتد إلى ثقافة المجتمع المحلي، بحسب الناشط البيئي علي يحيى، الذي أشار إلى أن بعض السلوكيات السياحية تُعد مسيئة لقيم السكان، مثل ارتداء لباس السباحة في مواقع مقدّسة كأشجار دم الأخوين، إضافة إلى تأثيرات لغوية وثقافية أخرى.

ورغم كل التحديات، أبدى فان دامه تفاؤلاً مشروطاً، مشيدًا بالمبادرات المحلية وجهود السلطات في تعزيز الوعي البيئي، معتبرًا أن استدامة هذه الجهود تمثل "الضمان الوحيد لمستقبل سقطرى".

واختتم قائلاً: "إذا لم يتم التصدي للضغوط المناخية والبشرية، فقد تواجه سقطرى مصير غالاباغوس قبل قرن، حين أدى الإهمال إلى اختفاء العديد من الأنواع، لكن الأمل لا يزال قائمًا ما دامت هناك إرادة حقيقية لحماية هذا الكنز البيئي النادر".