آخر بنادقها خارج الحدود.. هل تضغط إيران على الزناد الحوثي في مواجهة إسرائيل؟ (تقرير خاص)

آخر بنادقها خارج الحدود.. هل تضغط إيران على الزناد الحوثي في مواجهة إسرائيل؟ (تقرير خاص)

في ظل التصعيد المتبادل بين طهران وتل أبيب والتكهنات حول احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية شاملة، تتجه الأنظار إلى القوى الحليفة لطهران في المنطقة وفي مقدمتها جماعة الحوثيين التي تجد نفسها أمام معادلة معقدة في كيفية مواصلة الظهور كجزء من محور المقاومة دون دفع كلفة باهظة تؤثر على نفوذها داخل اليمن وتحولها إلى ضحية مباشرة للتصعيد الإقليمي.

فرغم استمرار الظهور الإعلامي كطرف ضمن "محور المقاومة"، لم يذهب الحوثيون بعيدًا في الانخراط العسكري المباشر في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، وهو ما أرجعه مراقبون إلى اختيار إيران تفعيل التهديد بالقوة في هذه المرحلة أكثر من استخدمها.

كما أن تحقيق الحوثيين مكاسب استراتيجية من التصعيد في البحر الأحمر لا يعني أنهم خرجوا بلا كلفة، فقد خسروا عددًا من قادتهم في الضربات المباشرة من قبل أمريكا وإسرائيل، وتعرضت منظوماتهم الجوية والبحرية لأضرار فادحة، وهو ما أجبرهم على تقليص العمليات العسكرية ضد السفن الدولية خاصة بعد تفاهم غير معلن للتهدئة رعته سلطنة عُمان بين الحوثيين والولايات المتحدة.

هذه المتغيرات جعلت الجماعة تسير على حبل مشدود بين الحاجة إلى البقاء ضمن محور المقاومة لكسب الغطاء العسكري الذ    ي تقدمه إيران، وبين إدراكها بأن التصعيد الواسع قد يؤدي إلى إنهاك داخلي بفعل توسيع التدخلات الدولية للرد على أي تصعيد عسكري من قبلها.

 

تصعيد غير مسبوق

 

يشهد الشرق الأوسط تصعيداً عسكرياً هو الأخطر منذ سنوات بين إسرائيل وإيران، بعد أن نفّذت تل أبيب، ليلة الجمعة 13 يونيو/حزيران الجاري، هجمات مركّزة ضد أهداف إيرانية استراتيجية شملت منشآت عسكرية ونووية، واغتيال عدد من كبار القادة والعلماء الإيرانيين، لترد طهران بسلسلة ضربات صاروخية على إسرائيل.

وهذا الأمر يجعل الأنظار تترقب الموقف المحتمل لأذرع إيران بما في ذلك جماعة الحوثي لحركة الحوثيين وقدرتهم على تقديم إسناد فعلي في هذا الصراع، فرغم أن قدرة الجماعة على التصعيد تبقى مرتبطة مباشرة برغبة طهران في ذلك، عبّر ما يسمى بـ "المجلس السياسي الأعلى" للحوثيين عن دعمه الصريح لإيران، في وقت يعاني فيه الحوثيون من إنهاك عسكري بعد ضربات أمريكية مدمّرة.

وعلى الصعيد ذاته، نقل الصحفي فارس الحميري عن مصادر خاصة، كشفت أن السفير الإيراني لدى جماعة الحوثي علي محمد رضائي، غادر صنعاء مؤخراً نحو الحديدة، حيث عقد سلسلة من الاجتماعات مع قيادات عسكرية حوثية من المنطقة العسكرية الخامسة وقوات البحرية والدفاع الساحلي التابع للجماعة، بمشاركة خبيرين إيرانيين.

في المقابل، يرى محللون أن الرد الإسرائيلي على الحوثيين قد يُؤجل إلى ما بعد الانتهاء من الجولة الحالية من الهجمات ضد إيران، رغم التهديدات الإسرائيلية باغتيال زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وفرض حصار بحري على مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي ظل هذا المشهد المعقّد، يبقى مستقبل الحوثيين كقوة داعمة لإيران مرهونًا بقدرتهم على التعامل مع متغيرات الحرب الإقليمية، وهو ما يجعل مراقبة سلوك الجماعة في الأشهر المقبلة أمراً حاسماً لفهم مستقبلها في اليمن والمنطقة.

 

مصير مشترك

 

بينما يترقب العالم خطوات الولايات المتحدة المقبلة تجاه إيران وحلفاؤها في المنطقة، تواصل جماعة الحوثي المسلحة، تصعيد خطابها السياسي فيما يبدو أنه اصطفاف مباشر مع الأجندة الإيرانية في مواجهة التحركات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.

فعلى سبيل المثال، وجه القيادي البارز في الجماعة، محمد علي الحوثي، ورئيس ما يُسمى بـ"اللجنة الثورية العليا"، ما أسماها رسالة إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حذره فيها من خطورة جرّ الإسرائيليين للولايات المتحدة إلى تدخل عسكري مباشرة ضد إيران.

وفي تدوينة له على منصة "إكس" أشار الحوثي أن أي تدخل أمريكي سيسفر عن "تدمير لمصالح أمريكا" على يد من وصفهم بـ"قوة إيران وأبطالها" ومضيفا أن "قاذفات B2 لن تستطيع الحسم في الأعماق الإيرانية كما جُرّبت في اليمن" حد تعبيره.

كما أفصح القيادي الحوثي محمد البخيتي، المعين من قبل الجماعة محافظًا لمحافظة ذمار، عن احتمالية دعم الحوثيين لإيران في أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل، تمامًا كما صعدت عملياتها العسكرية تحت مزاعم إسناد غزة.

وفي مقابلته مع قناة الجزيرة مباشر، أشار البخيتي إلى وجود تنسيق مستمر بين جماعته وطهران بشأن العمليات العسكرية، مؤكدًا أن الحوثيين جزء لا يتجزأ من محور "المقاومة" الذي تقوده إيران في المنطقة.

 

موقف مُعلن

 

يظهر موقف الحوثيين من إيران بشكل واضح وصريح، إذ إنهم جزء لا يتجزأ مما يُعرف بمحور "المقاومة" التابع لإيران، وهو ما أعلنه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطابه الأسبوع الماضي.

ويذكر د. علي الذهب الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أن الحوثيين يعتبرون أنفسهم أحد أبرز مكونات هذا المحور، ما يجعلهم مرتهنين استراتيجياً لهذا التحالف لا سيما في حال وقوع مواجهة مباشرة بين إيران والولايات المتحدة.

ومن وجهة نظر الذهب، لا يمكن فصل هذا الولاء عن البعد النَسَقي في علاقة الجماعة بإيران، فالحوثيون – حسب تعبيره – "مدينون للنظام الإيراني، لا للشعب الإيراني"، في إشارة إلى الدعم السياسي والعسكري والمالي الذي وفرته طهران للجماعة خلال سنوات الصراع اليمني.

وبموجب هذه العلاقة، يتوقع الذهب أن الحوثيين قد يتحركون عسكرياً دعماً لإيران في حال تطورت الأزمة، سواء عبر استئناف الهجمات على الملاحة في باب المندب أو تهديد خطوط الشحن البحري، وهو سيناريو سبق للجماعة تجربته خلال العامين الماضيين.

لكن رغم الخطاب العلني المنحاز لإيران، يتسم موقف الحوثيين اليوم بالانتظار الحذر، فلن تتخذ قرارًا حاسمًا بالانخراط في أي تصعيد عسكري إلا بعد أن تتضح ملامح المواجهة خلال الأيام العشرة أو الخمسة عشر الأولى. بحسب الباحث علي الذهب

ويتوقع الذهب في حديثه لـ" المجهر" أن الجماعة ستتخذ موقفاً أكثر جرأة ووضوحا إذا شعرت بأن هناك تحولاً كبيراً لصالح إيران، مستنداً في توقع إلى أن الحوثيين يدركون أن تدخلهم المبكر قد يكون مكلفاً في حال لم تنجح إيران في احتواء الضربات أو تفكيك الهجمة الإسرائيلية أو الأمريكية.

ومع ذلك فإن بقاءهم في موقع "اللاحياد" لا يعني انفصالهم عن مسار الأحداث، بل يعكس حسابات دقيقة تنطلق من ارتباطهم العميق بالنظام الإيراني وارتباط مصالحهم ببقاء هذا النظام.

 

تراجع التصعيد

 

في تحليله لما يمكن وصفه بـ"التراجع العملياتي" يقول د. الذهب، إن وتيرة الهجمات الحوثية على إسرائيل لم تعد بالزخم الذي كانت عليه في السابق، رغم مواصلة الجماعة استخدام هذا النوع من الهجمات كمادة خطابية في بياناتها.

ففي حين كانت قيادة الجماعة تتحدث سابقًا عن مئات العمليات أسبوعيًا، لم يذكر زعيمهم عبدالملك الحوثي في خطاباه الأخير سوى عشر هجمات خلال أسبوع، وهو مؤشر على تراجع القدرات أو على الأقل تضاؤل مستوى الاستعداد العملياتي مقارنة بالسنوات الماضية. بحسب الذهب.

ومن بين الأسباب التي يوردها الذهب لهذا التراجع، الضربات النوعية التي تلقاها الحوثيون من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، لا سيما في المناطق الحيوية كموانئ الحديدة.

ويشير الذهب في حديثه لـ"المجهر" إلى أن هذه الضربات حدّت بشكل كبير من إمكانيات الجماعة عسكريًا ولوجستيًا وماليًا، فبينما كانت الجماعة تستفيد من موارد ضخمة لتمويل نشاطها العسكري، فإن خسائرها الأخيرة دفعتها إلى "التقاط الأنفاس" وإعادة تقييم الموقف.

وتوصل إلى القول إن الحوثيين ليسوا في أفضل حالاتهم، وأن وضعهم اليوم لا يشبه ما كانوا عليه خلال فترة الهدنة الأممية التي بدأت في 2 أبريل/ نيسان 2022، فاستمرارهم في رفع راية "محور المقاومة" يأتي في إطار من الحذر والتكتيك مدفوعين بمعادلات الخسارة والمصلحة، متوقعاً في الوقت ذاته أن الجماعة قد تشهد دعما جديدا يشركها في إطار الصراع إذا طال أمد الأزمة بين إيران والغرب.

ويختتم الذهب حديثه بالقول إن اتفاق التهدئة الذي جرى بين الحوثيين والولايات المتحدة في وقت سابق، منح الجماعة فرصة للظهور بمظهر المنتصر، رغم أن ما حدث قد يكون نتيجة لضغوط إيرانية أو لإدراك الحوثيين حجم الخسائر التي تعرضوا لها.

 

النفوذ الإيراني

 

يرى الصحفي أحمد شبح، رئيس تحرير منصة "ديفانس لاين" المُتخصصة في الشأن العسكري والأمني، أن جماعة الحوثي باتت تشكّل رأس الحربة الإقليمية لإيران، لا سيّما بعد الضربات التي تلقّاها حزب الله في لبنان وبقية مكوّنات "محور المقاومة" في دول أخرى.

ويؤكد شبح في حديثه لـ"المجهر" أن التفاهم الأمريكي الأخير مع الحوثيين والذي تضمن وقف الضربات الجوية مقابل التهدئة في البحر الأحمر، لم يكن منفصلًا عن السياق الأوسع للمفاوضات بين واشنطن وطهران، خصوصًا فيما يتعلّق بالملف النووي واستراتيجية إدارة ترامب التي هدفت إلى كبح قدرات إيران النووية والصاروخية، وتقليص نفوذ أذرعها الإقليمية بما في ذلك جماعة الحوثي.

وبحسب شبح، فإن التهدئة منحت الحوثيين فرصة لالتقاط الأنفاس بعد الخسائر التي ألحقتها بهم الضربات الغربية، ما دفعهم إلى إعادة ترتيب أولوياتهم فصوّبوا هجماتهم نحو إسرائيل بطائرات مسيّرة وصواريخ، مستغلين الزخم الشعبي المساند لغزة لتعزيز موقعهم داخليًا، بالتوازي مع محاولات إعادة التموضع إقليميًا.

لكن مع تصاعد الصراع الإيراني الإسرائيلي نحو مواجهة مباشرة، يشير شبح إلى أن الحوثيين باتوا أمام مفترق طرق معقّد، فاستمرارهم في إطلاق الصواريخ بات أقرب إلى دعم طهران منه إلى مناصرة غزة، وهو ما قد يفقدهم بعضًا من الزخم الذي راكموه في الأشهر الماضية.

ومع ذلك، تفيد المؤشرات أن توقف هجمات الحوثيين منذ فجر الأحد، على الأرجح بسبب تناقص مخزون الأسلحة بعيدة المدى أو لصعوبات تشغيلية حالت دون تنفيذ هجمات مكثفة، وربما رأت الجماعة الحفاظ على قدراتها لمرحلة لاحقة في ظل عدم وضوح أفق التصعيد. بحسب الصحفي أحمد شبح.

ويعتقد شبح أن الجماعة ما تزال تحضّر للعودة إلى واجهة التصعيد في حال قررت إيران نقل المواجهة إلى الممرات البحرية الحيوية سواء عبر مضيق هرمز أو باب المندب، واستهداف قواعد أمريكية ومصالح غربية في المنطقة.

مرجّحا أن تعود جماعة الحوثي إلى تنفيذ الهجمات البحرية، إما كجزء من الرد الإيراني أو كرد فعل على ضربات إسرائيلية وأمريكية محتملة، ويتوقع أن الجماعة قد توسّع نطاق عملياتها لتتجاوز حدود اليمن، اعتمادًا على مخزون من الأسلحة يتيح لها الوصول إلى أهداف غير بعيدة.

كما يضع شبح في الاعتبار أن إيران نقلت وستنقل تقنيات عسكرية استراتيجية للحوثيين، تمهيدًا لإعادة تموضع تكتيكي في المنطقة، يتيح لطهران وحلفائها هامش مناورة أوسع في حال تفجّرت الأوضاع على نطاق أوسع.

 

قلق حوثي 

 

يعكس خطاب زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي الذي ألقاه الخميس الماضي، حالة التردد الواضحة في موقف جماعته، حيث لم يتضمن أي إعلان مباشر بالالتحاق بالمعركة إلى جانب إيران، واكتفى بالتأكيد على حق طهران في الدفاع عن نفسها وطمأن أتباعه بأن الجبهة الداخلية الإيرانية لا تزال متماسكة.

ويبين الصحفي اليمني المتخصص في شؤون الجماعة، سلمان المقرمي، أن الموقف الحوثي تجاه التصعيد الأخير جاء مغايرًا للتوقعات، إذ تبنّت الجماعة ما يمكن وصفه بـ"الحياد الحذر"، مع تأكيدها على أن عملياتها ضد إسرائيل مؤخرًا جاءت تضامنًا مع غزة لا دعماً لإيران.

وفي حديثه لـ"المجهر"، يصف المقرمي هذا التوجه بالمفاجئ، بالنظر إلى التاريخ الطويل من التنسيق العسكري والسياسي بين الحوثيين وطهران، مبينا أن هذا التوجس لا يقتصر على الخطاب الرسمي فقط، وإنما يمتد إلى تدوينات قيادات الجماعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يمكن رصد مواقف تحمل قلقًا واضحًا من احتمالات سقوط النظام الإيراني.

ويشير المقرمي إلى أن هذا القلق نابع من مخاوف لاختراقات أمنية واسعة عبر الحرس الثوري الإيراني المخترق أصلاً من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي، وهو ما يثير تساؤلات عن مدى تأثير هذه الاختراقات على الجماعات الحليفة، وفي مقدمتها جماعة الحوثي، التي فوجئت بمستوى الجدية والتعقيد في الصراع بين طهران وتل أبيب، وهو ما ظهر في اعترافات مسؤولين إيرانيين بأن التصعيد تخطى توقعاتهم.

أما على المستوى الاستراتيجي، فيرى المقرمي أن جماعة الحوثي تجد نفسها اليوم في وضع معقد، فهي من جهة تُعد حليفًا إقليميًا لإيران، ومن جهة أخرى تدرك أن الدخول المباشر في صراع مفتوح قد يضعها في مرمى الاستهداف الدولي، خصوصًا إذا تصاعدت وتيرة المواجهة لتشمل تدخلًا أميركيًا.

ووفقاً لما يتداوله محللون عسكريون وسياسيون، فإن الحوثيين قد لا يغامرون بالانخراط في أي مواجهة كبرى ما لم تندفع الولايات المتحدة إلى قلب المعركة، وفي ظل هذه الاحتمالات تبقى الجماعة في حالة ترقّب شديدة تتسم بالحذر، من انعكاس أي اختلال كبير في ميزان القوى الإيراني – الإسرائيلي على مستقبلها السياسي والعسكري في اليمن والمنطقة.

ويرى آخرون أن الجماعة حريصة على استغلال انخراطها الإقليمي كورقة ضغط في المفاوضات مع الجانب السعودي والحكومة الشرعية في اليمن، فكلما بدت جزءًا من معادلة كبرى في الصراع الإقليمي والدولي، ارتفع سقف شروطها في أي اتفاق سياسي حول مستقبل البلاد.

 

خيارات متقدمة

 

رغم الحملة الإسرائيلية الواسعة ضد مواقع استراتيجية إيرانية، لم تُظهر أذرع إيران الإقليمية وعلى رأسها جماعة الحوثي أي مؤشرات فعلية على الدخول المباشر في الصراع حتى اللحظة.

ويرى الصحفي المصري ياسر الشاذلي المتخصص في شؤون الخليج، أن هذا الغياب يعكس ضعف المحور الإيراني، نتيجة الاستنزاف العسكري الذي تعرّض له منذ عام 2023، ما أتاح لإسرائيل هامشًا أوسع لتوجيه ضربات دقيقة وعنيفة داخل العمق الإيراني.

وفي تدوينة له على منصة "إكس" وصف الشاذلي، الصدام المباشر بين إسرائيل وإيران – داخل أراضيهما – بأنه اختراق لتوازنات الردع العسكري التي استقرت لعقود، وهذا يشير حد تعبيره إلى مرحلة أكثر انفتاحًا على المواجهة المباشرة.

ويتوقع الشاذلي أن تحييد الرد العسكري الإيراني التقليدي قد يدفع طهران إلى خيارات غير تقليدية، مثل تنفيذ عمليات إرهابية أو هجومات سيبرانية عبر أذرعها في المنطقة بما فيهم الحوثيين، ما يفتح الباب لتوسيع دائرة الصراع خارج حدود إيران وإسرائيل.

وفي ضوء مآلات الصراع الجاري بين إيران وإسرائيل، يمكن تصور عدة سيناريوهات لمستقبل الحوثيين في اليمن، ففي حال تحوّل المعركة بين إسرائيل وإيران إلى حرب مفتوحة، سيجد الحوثيون أنفسهم مضطرين للمشاركة العلنية في الحرب، سواء عبر البحر أو من خلال ضربات مباشرة ضد إسرائيل، رغم أن هذا الانخراط قد يحوّل اليمن إلى ساحة معركة إقليمية بالوكالة، مما يهدد سلطتهم المحلية ويُعرضهم لعقوبات وضربات مكثفة.

وفي حال بقيت المواجهة بين إيران وإسرائيل في إطار الضربات المحسوبة، يتوقع خبراء عسكريون أن الحوثي سيستمر في لعب دور "الوكيل الرمزي"، في شكل خطاب سياسي مرتفع ونشاط عسكري محدود، وهذا يمنحهم مكاسب إعلامية دون أن يُكلفهم ثمناً كبيراً.

أما إذا قررت إيران التهدئة لأسباب سياسية أو اقتصادية، أو عادت إلى اتفاق نووي جديد، فسينخفض حجم الدعم العسكري للحوثيين، وقد تضطر الجماعة إلى التركيز على التفاهمات اليمنية البحتة بعيدًا عن أدوارها الإقليمية.

وفي كل الأحوال فقد جعل الحوثيين أنفسهم اليوم، رهينة حسابات معقدة أشبه ما تكون بشبكة ألغام، فالاقتراب المفرط من طهران قد يجعلهم هدفًا مباشرًا لأمريكا وإسرائيل، بينما التراجع عن خط المقاومة قد يُفقدهم ارتباطهم العقائدي بنظام إيران ويضعف ورقتهم التفاوضية.