الاثنين 20/مايو/2024
عاجلعاجل

الشيخ العكيمي .. المناطقية مضافة إلى تاريخ من الفوضى والفشل (تقرير خاص)

الشيخ العكيمي .. المناطقية مضافة إلى تاريخ من الفوضى والفشل (تقرير خاص)

مؤخرا, انتشر تسجيل صوتي على وسائل التواصل الاجتماعي، يعود للشيخ القبلي اللواء أمين العكيمي، محافظ محافظة الجوف سابقًا، والذي تحدث فيه بصورة مسيئة لمدينة تعز، حيث أظهرت لهجته المناطقية، كمية الحقد والعنصرية التي يحملها الرجل تجاه أبناء هذه المحافظة, مما دفع مراقبين إلى وصفه بأنه "صمت دهرًا، ونطق كفرا".

الشيخ العكيمي، هاجم في حديثه، أحد أبناء تعز "نجيب السعدي"، رئيس لجنة النازحين، على خلفية انتقادات شخصية وجهها السعدي، لكن الأول كان سليط اللسان، حيث لمز أبناء تعز، مشيرًا إلى أنهم لم يستطيعوا تحرير منطقة "الحوبان" الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي الإرهابية.

 

ردود غاضبة

 

أثار حديث العكيمي موجة من الغضب والانتقادات في الوسط اليمني، حيث استنكر كثيرون الإساءة لتعز وأبنائها، الأمر الذي دفع عشرات الكتاب والناشطين لتذكير الرجل بمعركة الجوف، وسيطرة الجماعة الحوثية على المحافظة ذات المساحة المترامية في ظل قيادة الشيخ العكيمي، كما يقولون.

وفي هذا السياق، قال محافظ تعز السابق، علي المعمري، إن حديث اللواء أمين يسيئ لشخصية العكيمي، ويحمل إساءات بالغة لتعز، موضحًا في صفحته على فيسبوك: "نتفهم جيدًا حالة الضغط النفسي التي يعيشها العكيمي جراء الوضع في محافظة الجوف". 

وأوضح المعمري، أن العكيمي لم يكن محظوظًا في إدارة الحرب، وأن طريقته خذلته لتنتهي تضحيات أبناء الجوف بسيطرة الحوثيين على المحافظة. 

وتساءل المعمري عن الأسباب التي جعلت العكيمي يترك كل ذلك ويذهب لخطاب يسيء لشخصه قبل أن يسيء لمحافظة كاملة ما زالت تقدم القرابين على مذبح الحرب، ودمها ينزف في كل المحافظات اليمنية في مواجهة الحوثي.

وأكد المعمري أن تعز قدمت تضحيات، وواجهت ميليشيا الحوثي التي حشدت عشرات الألوية في سبيل السيطرة على المدينة، لكن المقاومة والجيش الوطني تمكنوا من تحرير ثلثي المحافظة، مشيرًا إلى أنه يجب على العكيمي معرفة طبيعة الحسابات الداخلية والخارجية، التي منعت استكمال تحرير تعز، بما في ذلك قلة التسليح في وقت سقطت محافظات تحولت معسكراتها إلى غنائم لمليشيا الحوثي.

 

دور سلبي

 

كثيرة هي الشواهد والوقائع التي توضح فشل وتعثر معركة تحرير محافظة الجوف من حكم جماعة الحوثي الإنقلابية، وذلك بفعل تعقيدات شتى من بينها الدور السلبي للواء العكيمي، والذي يعيش حياة ملفوفة بالغموض، إذ عمل خلال سنوات الحرب الحوثية على اليمن، كمحافظ للجوف، وقائد عسكري فيها، وشيخ قبلي.

مطلع  العام 2015، عُين العكيمي قائداً للواء النصر بمحافظة الجوف ورقي إلى رتبة عميد، وفي أغسطس 2016، عين محافظًا لمحافظة الجوف، وفي يوليو العام 2018 عين قائدًا لمحور الجوف، إضافة إلى عمله محافظًا للمحافظة ورقي إلى رتبة لواء، حيث سعى بكل هذه المناصب الحكومية والعسكرية إلى التحكم بمفاصل الدولة في الجوف، والتفرد بالقرار وعدم إتاحة الفرصة والمجال للشخصيات الأخرى العسكرية والأمنية.

وأزاحت سنوات الحرب عن اللواء العكيمي الستار، وكشفت عنه الغموض، وبحسب مصادر مقربة، أراد المحافظ التصرف كحاكم أوحد للمحافظة وقبائلها، وركز على بناء هيكل يمارس مهامه في إطار دائرة مغلقة تحت إشرافه وقيادته، فهو محافظ الجوف وقائد المحور وقائد لواء النصر وشيخ قبلي، ورئيس تحالف قبائل بكيل، وحاول كثيرًا استلام مهام قائد المنطقة العسكرية السادسة؛ لكنه لم يتمكن نتيجة معارضة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي.

 

صراعات بينية

 

في ذات الفترة, أصدر الرئيس هادي قرارًا جمهوريًا يقضي بتعيين اللواء أمين الوائلي قائدًا للمنطقة السادسة، التي تتوزع دائرة مهامها العسكرية، في محافظة الجوف وعمران وصعدة، وهو ما لم يرض به الشيخ العكيمي، الذي يرى في الجوف ملك له ولقبائل بكيل التي ينتمي لها، ولذلك سعى لإعاقة عمل القائد العسكري القادم من قبائل وائلة بذمار.

وتفيد معلومات صادرة عن أشخاص عاصروا تلك الفترة من حياة الرجل, بأن الشيخ العكيمي وضع عراقيل عدة في طريق بعض الوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني، لصالح تقوية المجموعات القبلية المسلحة، التي أنشأها ومرتبطة به شخصيا، ومارس ضغوطًا كبيرة على الشرعية لإقالة الوائلي، ولكن المفاجأة كانت في تعيين اللواء هاشم الأحمر قائدًا للمنطقة، والذي يعد من أكبر خصوم المحافظ العكيمي، الذي حاول منع الأحمر من دخول الجوف وممارسة مهامه، وسعى لإثارة قبائل بكيل لمنع وصول قائد عسكري ينتمي لقبائل حاشد من أجل قيادة المنطقة السادسة.

ويرى مراقبون أن الصراعات البينية والخلاف الدائر آنذاك بين المحافظ العكيمي وقائد المنطقة العسكرية السادسة اللواء الأحمر وقبله اللواء الوائلي، أحدث شرخًا في وحدة الصف، وسهل تقدم جماعة الحوثي في الجوف، ما تسبب بضعف في صفوف القوات التابعة للشرعية.

من جهتها, أشارت مصادر عسكرية، إلى أن العكيمي كان يرغب بإقالة اللواء الأحمر، وساهم في خلخلة الجبهة الداخلية كي يظهر قائد المنطقة عاجزًا عن الدفاع والتمسك بالمناطق المحررة، وبالتالي يمتلك الحجة لمطالبة الحكومة الشرعية بإقالته وتعيين قائدًا عسكريًا من قبائل بكيل ومن الموالين للعكيمي.

في تلك الفترة، وبعد تقدم الجماعة الحوثية وسيطرتها على أجزاء من محافظة الجوف، بدأ الذباب الإلكتروني من نشطاء موالين للعكيمي بمهاجمة هاشم الأحمر، وتحميله مسؤولية تراجع قوات الجيش، وطالبوا بإقالة اللواء الأحمر وإحالته للتحقيق على خلفية تقدم الحوثيين في الجوف.

كما حرص اللواء العكيمي على الظهور إعلاميًا وصناعة بطولات قبلية، وفي المقابل يمنع باقي القيادات العسكرية من الظهور، في محاولة لإبراز دور القبيلة بشكل كبير من دور القوات العسكرية، وهذا ما يفسر ضعف جبهة الشرعية في الجوف، وتشتيتها بعقلية "القبيلة" وسطحية العكيمي، ما أدى لخلخلة الوضع وسقوط المحافظة بأيدي ميليشيا الحوثي.

إلى ذلك, تقول مصادر محلية في مأرب لـ "المجهر" إن سقوط الجوف جاء نتيجة توسع دائرة الخلاف بين العكيمي وقيادات عسكرية وقبلية، وعدم احتواءهم من قبل اللواء العكيمي، مما دفعهم إلى تركه يصراع وحيدا كما أراد، وهو ما عزز من فرص الحوثيين لاختراق المحافظة والسيطرة عليها ..

 

استغلال وفوضى

 

خلال تولي العكيمي المنصبين، ارتبط بعلاقة وتواصل مع مسؤولين في قيادة التحالف والسعودية بحكم موقعه ومكانته القبلية، مما دفعه لاستغلال تلك العلاقة لمصالحه الشخصية والقبلية.

وبحسب المعلومات التي وصلت "المجهر"، فإن العكيمي استحوذ على الدعم المالي والعسكري المقدم من قيادة التحالف للقوات في الجوف بغية تحريرها من قبضة المليشيات الحوثية .

وأشارت المعلومات إلى أن العكيمي عبث وتلاعب في عملية وآلية توزيع الدعم، وتورط بنهب مبالغ مهولة كانت مخصصة لتحرير محافظة الجوف من قبضة الحوثيين.

لكن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، أصدر في العام2022، قرارًا جمهوريًا يقضي بتعيين العميد "حسين العجي علي العواضي" محافظًا لمحافظة الجوف وترقيته إلى رتبة لواء، خلفًا للواء العكيمي.

وعقب القرار، قادت نرجسية "العكيمي" إلى عمل فوضى داخل المحافظة، عن طريق إيعازه لمكونات قبلية بتدشين مطارح احتجاجية، اعتراضًا على قرار إقالته من منصبه كمحافظ للجوف، حيث قامت قبيلة "دهم"، التي يعد اللّواء العكيمي من أبرز مشايخها، بنصب مطارحها في الحدود الشمالية لمحافظة الجوف، ودعت بقية القبائل إلى مشاركتها الاعتصام.

واعتبر كثيرون، تصرفات العكيمي، تمردًا واضحًا على قرارات مجلس القيادة الرئاسي، مشيرين إلى أن اللواء أمين العكيمي، فشل في إدارة معركة الجوف، ولم يستطع الحفاظ على ما كان منها ضمن إطار الشرعية.

وعللوا ذلك بأن "الرجل نُفخ إعلاميًا أكثر من اللازم، وكثيراً ما جرى تشبيهه بالزير سالم، لكنه في الواقع لم يمتلك حكمة وشجاعة الزير ولا نخوة جساس، وعاد يستنقص ويسخر من محافظة تعز وأبنائها الذين ضحوا معه في كل الجبهات التي تولاها وذهبت تضحياتهم هدراً بسبب رعونة قيادته للمعركة، وعدم تقديره للمواقف في الميدان والتي حذر منها بعض أعلام وشخصيات الجوف نفسها".