عاجلعاجل

طقوس وعادات.. كيف يستقبل اليمنيون شهر رمضان؟ (تقرير خاص)

طقوس وعادات.. كيف يستقبل اليمنيون شهر رمضان؟ (تقرير خاص)

في أجواء تسودها الروحانية ويظهر فيها الترابط الاجتماعي، يستعد اليمنيون كل عام لاستقبال شهر رمضان المبارك, من خلال طقوس وعادات متوارثة وتقاليد خاصة تعبر عن غنى وتراث الثقافة اليمنية.

تبدأ الاستعدادات لاستقبال رمضان في اليمن منذ منتصف شعبان   (الشعبانية), حيث تتزين المنازل والشوارع بالأضواء الملونة والزينة، ويحرص الناس على إعطاء لمسة من البهجة والجمال للأماكن, كما تتزين المساجد أيضًا بالإضاءة والروائح الطيبة لاستقبال المصلين في أجواء مليئة بالروحانية والخشوع خصوصا في صلاة " التراويح".

 

عادات متوارثة

 

تتميز العاصمة اليمنية صنعاء بوجود تقاليد وعادات مميزة في استقبال شهر رمضان المبارك, ويتمثل بجملة من الطقوس التي يقوم بها السكان تعبيرا عن فرحتهم بالضيف القادم "رمضان", من خلال قيام بعض الأشخاص بحرق إطارات السيارات كنوع من الاحتفال ببداية شهر رمضان, هذا الفعل يعتبر رمزًا للبداية الجديدة والتجديد, تقول سارة سيف.

وتضيف في حديثها لـ"المجهر" وهي إحدى سكان العاصمة يوجد يوم مخصص في شهر شعبان يسمى "الشعبانية"، وهو يوم مميز يأتي بعد 15 شعبان. في هذا اليوم، تجهز النساء أطباقًا خاصة تسمى "يوم يا نفس ما تشتهي"، حيث يتم تحضير مجموعة متنوعة من الأطباق والحلويات التي يتم تبادلها بين الأهل والأقارب والجيران.

وتشير سارة إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، يقوم الأطفال في بعض المناطق بلعب الألعاب النارية كشكل من أشكال الاحتفالات, كما يتم توزيع الشوربة في بعض المناطق أيضًا، ويطلق على هذا اليوم اسم "يوم الشوربة".

وفي أقصى شرق البلاد, حيث تنفرد حضرموت بثقافتها وتاريخها العريق، وتنعكس هذه الثقافة في طقوس استقبال شهر رمضان، وتُقام العديد من العادات والتقاليد الاجتماعية والروحية التي تُضفي أجواءً خاصة على هذا الشهر الفضيل.

يقول عبدالمنعم لـ"المجهر" في حضرموت تبدأ مراسم استقبال شهر رمضان من بعد منتصف شهر شعبان، حيث يستعد جميع الأهالي لاستقبال الشهر الفضيل وذلك من خلال التسوق وشراء جميع مستلزمات شهر رمضان كما تُزيّن بيوت حضرموت بألوان زاهية مثل الأبيض والأخضر.

ويضيف " كما يتم طلاء المساجد بالجير (النورة) لتضفي منظراً جميلاً، ويتم تعليق الفوانيس والزينة الرمضانية على أبوابها, بالإضافة إلى ترديد التواشيح الدينية في المساجد فرحاً بقدوم الشهر الفضيل".

إلى الجنوب حيث أجمل المدن اليمنية الساحلية, تقول أسماء فرج "لا نختلف كثيراً في عدن عن بقية المحافظات إلا أننا نقوم بلبس جلابيات مخصصة في رمضان ونقوم بنقش الحناء على أشكال رمضانية وعمل حفلات يا نفس ما تشتهي لاستقبال رمضان وتزين بعض شوارع المدينة".

وفي جنوبي غرب البلاد, في عاصمة البلاد الثقافية (تعز) تقول هناء محمد "نقوم باستقبال رمضان من خلال تنظيف البيوت والاجتماع في المساجد للاستماع إلى محاضرات عن فضل رمضان والعمل به".

 وتضيف" يقوم الأطفال في بعض المناطق خلال المساء بالتمسية على البيوت وطلب المال بترديد بعض الاهازيج يا مساء الخير يا مساء يا مساء لا تقولوا جاوعين يا مساء إلا شباب متولعين يا مساء لا تقولوا وحدنا يا مساء والجامعة بعدنا, كما تقوم بعض الأسر في يوم الشعبانية بتقديم أطباق مختلفة من الطعام".

 

طقوس روحانية

 

تتميز اليمن بتراث ديني عريق، وتتعمق طقوس العبادة والتقرب إلى الله بروحانية عالية عند استقبال شهر رمضان المبارك كل عام, وبصورة عامة فإن المسلمون يتقربون إلى الله بالطاعات والعبادات خلال أيام الشهر الفضيل".

يقول الشيخ عبدالجبار عبدالله " في رمضان نقوم بإعداد برنامجا لتلاوة وحفظ ومراجعة وتدبر القرآن أو أحد فروع تعلم أو تعليم القرآن، كما أن هناك بعض التجار والجمعيات من يعد قائمة بالأعمال لخدمة المجتمع وإفطار الصائم والتكافل الاجتماعي وغير ذلك لنيل الأجر العظيم، وأئمة المساجد يحثون الناس ويعظونهم لكيفية استغلال واستقبال الشهر".

ويضيف عبدالله في حديثه لـ"المجهر" هناك بعض الطقوس والعادات والتقاليد ربما اندثرت عند كثير من أئمة المساجد ولكنها حاضرة لدى الكثير وهي الترحيب برمضان بشكل أناشيد وأهازيج:

مرحب مرحب يا رمضان.. يا مرحبا بك يا رمضان..

رحبوا يا صائمينا.. شهر رب العالمينا

عاده الله علينا.. وعليكم أجمعينا

كما يقول عبدالمنعم  إن أجمل ما يُميز رمضان في حضرموت ما يُسمى بالختايم، حيث قد تم قديماً تنسيق بين المساجد من قبل العقلاء، بحيث يتم اختيار مسجد معين لكل ليلة وترية من ليالي رمضان في هذه الليلة، يقوم أهالي المنطقة بدعوة أقاربهم من المناطق الأخرى لوجبة الإفطار والعشاء.

ويضيف "بعد تناول وجبة العشاء، تتم الزيارات بين البيوت وتبادل التهاني بقدوم رمضان، وترديد عبارة "شهر مبارك" على صاحب البيت الذي تم زيارته، وهذه العادة تُسمى "التشهير", مؤكدا "يصحب هذه الختايم عدة فعاليات للأطفال بشكل خاص وللجميع بشكل عام".

 

السوق في رمضان

 

تشتهر المدن اليمنية في رمضان بوجود الأسواق الرمضانية التقليدية, تفتح هذه الأسواق في المساء وتكتظ بالتجار والباعة الذين يعرضون مجموعة متنوعة من المنتجات الذي يرتبط بعضها ارتباطا موسميا بشهر رمضان المبارك.

وتعتبر زيارة الأسواق في رمضان تجربة اجتماعية ترفيهية, يمكن للناس شراء المواد الغذائية والتمور والحلويات والملابس والهدايا وشراء الاحتياجات التموينية الخاصة بالشهر الفضيل.

يؤكد محمد عارف وهو تاجر في تموينات الوادي أن الأسواق قبل رمضان تتميز ببيع أشياء معينة تخص رمضان, قائلا هذا "الشهر يعتبر موسماً بالنسبة لنا بحيث يتم زيادة المبيعات كثيراً وتخرج النساء إلى الأسواق لشراء كل ما يخص رمضان ويتم تزين السوق والمحلات بالإضاءات والفوانيس الرمضانية" .

 

الماضي والحاضر

 

في الماضي، كانت هناك عادات وتقاليد في اليمن تصحب استقبال شهر رمضان وتضفي عليه جوا خاصا, لكنها تعتبر في الوقت الحاضر مندثرة أو قليلة الانتشار.

تقول هناء محمد "كنا في الماضي نقوم بدق الشوربة وطحن الغرب والذرة في المطاحن, وتجميع وتكسير الحطب كتحضيرات رمضانية, كما يقوم الرجال بعمل الموالد والمعاني لاستقبال رمضان".

وتضيف "هذه العادات لم تندثر تماماً لكنها  قلت كثيراً في الخمس السنوات الأخيرة ".

من جهته, يؤكد عبد المنعم أن بعض الألعاب التي كان يلعبونها الأطفال قديماً مع قدوم رمضان اختفت بسبب التكنولوجيا واهتمامهم بهذا المجال وتأثيره عليهم كثيراً".

ويبدو أن الحرب المستمرة منذ أكثر من تسع سنوات في البلاد, أثرت كثيرا على عادات وطقوس استقبال شهر رمضان المبارك, خصوصا مع تراجع مستوى الدخل للفرد والوضع الاقتصادي الحالي, الأمر الذي يدفع السكان بالعزوف عن معظم متطلبات المناسبة الدينية وتأمين الأساسيات, وهذا ما يؤكد معنى الاعتقاد السائد "رمضان زمان غير".