كشف الخبير في الشؤون اليمنية ومؤسس منصة (Basha Report) المتخصصة في تحليل المخاطر محمد الباشا، أن صفحة الوجود العسكري الإماراتي في اليمن طُويت فعلياً، عقب تنفيذ عملية انسحاب جوي منسقة استمرت لأكثر من سبع ساعات، أنهت وجوداً عسكرياً امتد لنحو عقد من الزمن.
وأوضح الباشا في حسابه على "إكس" أن العملية جاءت في أعقاب إنهاء الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والمدعومة من المملكة العربية السعودية، اتفاقها الدفاعي، وإعلانها رسمياً إنهاء وجود القوات الإماراتية على أراضيها.
وبحسب الباشا، جرى تنفيذ الانسحاب عبر جسر جوي مكثف شاركت فيه أربع طائرات نقل عسكري إماراتية من طراز "بوينغ C-17 غلوبماستر 3"، تابعة لوزارة الدفاع الإماراتية، وعملت تحت النداءات الجوية: "شبح 01" و"شبح 02" و"شبح 03" و"شبح 04".
وانطلقت الطائرات ضمن نافذة زمنية ضيقة ما بين الساعة 08:00 و10:00 بالتوقيت العالمي (11:00–13:00 بالتوقيت المحلي لليمن)، في مؤشر على عملية محكمة التخطيط ومحددة الإطار الزمني.
وعادت الطائرات الأربع في اليوم ذاته، حيث تراوحت مواعيد وصولها بين 13:40 و15:22 بالتوقيت العالمي (16:40–18:22 بالتوقيت المحلي)، لتنتهي العملية بعد نحو سبع ساعات و20 دقيقة من بدايتها.
وأشار الباشا إلى أن طبيعة الجسر الجوي تؤكد أن ما جرى كان انسحاباً منظماً ومنضبطاً، لا عملية إعادة انتشار قتالي، وبالاستناد إلى الحمولة القياسية لطائرات "C-17" وعدد الطلعات المحدود، ركزت بصورة شبه كاملة على إجلاء الأفراد، إلى جانب سحب معدات عسكرية عالية القيمة، شملت أنظمة القيادة والسيطرة، ووسائل الاتصالات المتقدمة، وتجهيزات استخباراتية، ومكونات من أنظمة الرادار.
وتُقدر المؤشرات المتاحة أن ما بين 200 و300 عنصر جرى سحبهم خلال العملية الجوية، من دون تسجيل أي تحركات لآليات مدرعة أو معدات ثقيلة، فيما رجّح الباشا أن تكون المركبات والعتاد الأثقل قد نُقلت بشكل منفصل عبر المسارات البحرية، ولا سيما من خلال موانئ محافظة حضرموت.
وأكد الباشا أن حجم العملية حتى وفق أكثر التقديرات سخاءً، لا يتجاوز مستوى وحدة بحجم سرية أو أقل، ما يعزز التقييم القائل إن ما حدث يمثل انسحاباً مدروساً، لا تعزيزاً عسكرياً ولا تصعيداً ميدانياً.
وفي تصريحه لموقع "ميدل إيست آي"، أوضح الباشا أن موازين النفوذ داخل التحالف لا تزال معقدة، قائلاً: "بينما يمكن للإمارات حشد مئات الآلاف من المقاتلين المدججين بالسلاح على الأرض، فإن المملكة العربية السعودية تمتلك سيطرةً أحكم على الممرات البحرية الحيوية والمعابر الحدودية، وهو ما من شأنه أن يعرقل جهود أبو ظبي لإعادة تسليح حلفائها في حال اندلاع صراع طويل الأمد".
وأضاف أن سيطرة السعودية على المجال الجوي والمعابر البرية والمنافذ البحرية في جنوب اليمن من شأنها تقييد تدفق الأسلحة والمعدات والدعم اللوجستي إلى المجلس الانتقالي الجنوبي.
وأشار الباشا إلى أن إعلان الإمارات سحب قواتها من اليمن، رغم اعتباره تطوراً مهماً من الناحية السياسية، لا يعني فك ارتباط أبو ظبي بحلفائها المحليين، موضحاً أن شبكات الدعم والهياكل التي بنتها الإمارات في غرب وجنوب اليمن لا تزال قائمة على الأرض.
يُذكر أن الإمارات بدأت تقليص وجودها العسكري المباشر في اليمن منذ عام 2019، متجهة إلى الاستثمار في القوى المحلية والميليشيات الحليفة، مع الإبقاء على عدد محدود من المستشارين العسكريين.
ويشير الباشا إلى أن هذا الاستثمار طويل الأمد في "الوكلاء" يمنح أبو ظبي قدرة على الاعتماد على ما يصل إلى 200 ألف مقاتل مسلح عند الحاجة.
تابع المجهر نت على X
