أكدت مصادر رسمية مطلعة، أن اللقاءات التي عُقدت، مساء الجمعة، في قصر معاشيق برئاسة وفد سعودي - إماراتي رفيع، ركزت بشكل أساسي على انسحاب قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة، باعتبار ذلك مدخلاً ضرورياً للتهدئة ومنع انزلاق المحافظتين إلى صراع داخلي.
وأوضحت المصادر، أن الانتقالي يحاول الالتفاف على هذا المطلب عبر طرح بدائل شكلية، تقوم على استبدال قواته بأخرى تحمل نفس التوجهات، بما يفرغ الانسحاب من مضمونه الحقيقي.
ففي وقت كثف فيه السعودية تحركاتها لاحتواء التصعيد في المحافظات الشرقية، بدا المجلس الانتقالي الجنوبي وكأنه يختار الهروب إلى الأمام، عبر خليط من الخطاب الانفصالي والمناورات الأمنية، للالتفاف على الضغوط الإقليمية المطالِبة بسحب قواته من حضرموت والمهرة.
وعقب اجتماعه مع الوفد العسكري السعودي– الإماراتي لوضع ترتيبات واضحة لإخراج القوات المستقدمة من خارج المحافظات الشرقية، خرج رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي بتصريحات تصعيدية، معلناً المضي بثبات في مشروع استعادة ما أسماه "دولة الجنوب".
مراقبون سياسيون، اعتبروا ذلك تجاهل لافت لجوهر المشاورات الجارية، ومحاولة مكشوفة لتحويل مسار النقاش من استحقاق عسكري وأمني عاجل إلى شعارات سياسية مستهلكة.
كما عكس خطاب نائب رئيس المجلس أحمد بن بريك، الذي جدد رفضه العلني للمطالب السعودية، حجم المأزق الذي يعيشه الانتقالي، إذ لجأ إلى التشكيك بالإرادة الحضرمية واتهام معارضي التواجد العسكري بأنه لا يمثلون مطالب حقيقية، في قفز فج على الإجماع المحلي والرسمي والإقليمي الداعي لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الاجتياح الأخير.
وفي ذروة هذه الضغوط، أعلن الانتقالي إطلاق ما أسماها "عملية الحسم" لمكافحة الإرهاب في محافظة أبين، وهي خطوة رأى فيها مراقبون مناورة سياسية مكررة، تعيد إلى الأذهان سيناريو "سهام الشرق" ، حيث جرى توظيف ملف الإرهاب كغطاء لفرض وقائع عسكرية جديدة على الأرض، لا علاقة لها بالأمن بقدر ما تستهدف تقويض ما تبقى من سلطة الحكومة المعترف بها دولياً.
ولم يقتصر التصعيد على الخطاب والعمليات، إذ حشد الانتقالي أنصاره أمام قصر معاشيق بالتزامن مع وصول الوفد السعودي–الإماراتي، مرددين هتافات انفصالية، في رسالة ضغط سياسي مكشوفة تعكس إصراره على خلط الأوراق وفرض منطق الأمر الواقع.
في المقابل، حذرت مصادر في مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، من أن أي تصعيد إضافي سيقوض جهود مواجهة جماعة الحوثي، ويعمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية، مؤكدة أن المشاورات الجارية تهدف إلى معالجة الإجراءات الأحادية، ومغادرة أي قوات مستقدمة من خارج المحافظات الشرقية، وتمكين السلطات المحلية من أداء مهامها وفق الدستور والقانون.
وبينما تمضي السعودية في مساعيها لمنع انفجار الوضع في حضرموت والمهرة، يواصل المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، سياسة المراوغة من خلال قبول لفظي بالتهدئة، يقابله رفض عملي للانسحاب، وتصعيد مدروس يضع مشروعه فوق استقرار المحافظات ومستقبل الشراكة السياسية، في رهان محفوف بالمخاطر على كسب الوقت وفرض وقائع جديدة تحت عناوين زائفة.
تابع المجهر نت على X
