كشفت تصريحات قيادات في جماعة الحوثيين الإرهابية، خلال لقاء موسّع مع ممثلي القطاع الخاص، عن توجه ممنهج لاستخدام قانون الاستثمار الجديد كأداة لفرض هيمنة اقتصادية شاملة، وترسيخ نفوذ شبكات مالية وتجارية مرتبطة بقيادات الجماعة داخل المناطق الخاضعة لسيطرتها، بعيداً عن أي بيئة استثمارية حقيقية أو تنافس عادل.
وأظهرت مداخلات القائم بأعمال رئيس الحكومة (غير معترف بها دوليا) في صنعاء محمد مفتاح، أن الخطاب الرسمي حول "توطين الصناعات ودعم المنتج الوطني" لا يتجاوز كونه غطاءً سياسياً لحزمة من الإجراءات التقييدية التي أعادت رسم السوق بما يخدم مصالح اقتصادية مغلقة، تتحكم بها مراكز نفوذ حوثية، على حساب القطاع الخاص المستقل.
ووفقاً لمصادر اقتصادية، فإن القيود التي فُرضت على الاستيراد وحركة السلع بذريعة "مواجهة التدخل الخارجي وحماية الإنتاج المحلي"، أدت فعلياً إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتوسيع دائرة الجبايات، ورفع الأسعار، وإجبار عشرات المصانع والمنشآت التجارية على الإغلاق، مقابل تمكين شركات مرتبطة بقيادات الجماعة من السيطرة على الأسواق دون منافسة.
من جهته، روّج وزير المالية في حكومة الحوثيين عبدالجبار أحمد، لقانون الاستثمار الجديد باعتباره يمنح "امتيازات غير مسبوقة"، تشمل إعفاءات جمركية وضريبية كاملة وتمليك الأراضي، غير أن خبراء اقتصاديين أكدوا أن هذه الامتيازات صُممت بشكل انتقائي لخدمة شبكات محددة، في ظل غياب الشفافية والمعايير الواضحة، وتحويل القانون إلى بوابة لاحتكار قطاعات استراتيجية.
كما تضمّن القانون قرارات بحظر بعض المستوردات ورفع الرسوم على أخرى، بدعوى حماية المنتج المحلي، وهو ما ينعكس سلباً على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بينما استفادت شركات محسوبة على قيادات الجماعة من استثناءات غير معلنة، ما عمّق تشوهات السوق وأقصى المنافسين الحقيقيين.
ومع تصاعد عمليات الاستحواذ على العقارات والمنشآت التجارية، يتحوّل قانون الاستثمار إلى أداة لتعزيز اقتصاد مغلق تتحكم بمفاصله جماعة الحوثيين، في مسار يعمّق عزل المناطق الخاضعة لسيطرتها، ويقوض ما تبقى من القطاع الخاص، ويكرس اقتصاداً قائماً على الولاء لا الكفاءة أو الشراكة.
ورغم مزاعم القيادات الحوثية "الشراكة مع القطاع الخاص وحل الإشكالات بالتعاون"، يرى مراقبون أن الواقع على الأرض يشي بعكس ذلك، حيث تُستخدم القوانين والقرارات الاقتصادية لشرعنة النفوذ، وتحويل السوق إلى مجال احتكار منظم يخدم الجماعة وقياداتها.
تابع المجهر نت على X
