أعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمن التزامًا تاريخيًا من المملكة العربية السعودية بضخ استثمارات تبلغ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال السنوات الأربع المقبلة، في مجالات استراتيجية تشمل الطاقة والدفاع والتكنولوجيا والبنية التحتية.
وبحسب البيان الأمريكي، فإن الاتفاقيات الموقعة تشمل أكبر صفقة دفاعية في تاريخ العلاقات بين البلدين، وتتضمن تزويد المملكة بأنظمة دفاع جوي متقدمة، وتعزيز قدرات الأمن البحري، وتحديث القوات البرية، إلى جانب برامج شاملة للتدريب والدعم الفني للقوات المسلحة السعودية.
وتزامن الإعلان مع انطلاق منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، الذي يشهد حضورًا لافتًا من كبار المسؤولين التنفيذيين وممثلي القطاعين الحكومي والخاص من الجانبين، في خطوة تؤكد عودة الزخم للعلاقات الاقتصادية بين البلدين بعد سنوات من التذبذب.
وفي إطار التوجه نحو اقتصاد المستقبل، أعلنت شركات تكنولوجيا أمريكية عملاقة مثل Google وOracle وAMD عن اتفاقيات شراكة مع الرياض بقيمة 80 مليار دولار، تهدف إلى تطوير مراكز بيانات متقدمة، وتطبيقات في الذكاء الاصطناعي، ما يمثل دعماً مباشراً لأهداف "رؤية السعودية 2030" الرامية إلى تنويع الاقتصاد وبناء اقتصاد معرفي.
كما شملت الاتفاقيات توقيع صفقات كبرى في مجال الطاقة، منها عقد بقيمة 14.2 مليار دولار مع شركة General Electric (GE) لتوريد توربينات غازية، بالإضافة إلى مشاريع بنية تحتية ضخمة مثل مطار الملك سلمان الدولي وحديقة الملك سلمان في الرياض، بمشاركة شركات أمريكية مثل AECOM وParsons.
وتضمّنت حزمة الاتفاقيات أيضاً مذكرات تفاهم لتطوير منشآت طبية متقدمة في الولايات المتحدة، وتعزيز التعاون في مجالات الفضاء والبحث العلمي، ما يعكس توسع الشراكة الاستراتيجية إلى مجالات غير تقليدية.
وفي كلمته خلال المنتدى، قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إن هذا الحدث "يأتي في لحظة تاريخية يتم فيها تجديد الالتزام المشترك بين السعودية والولايات المتحدة"، مؤكداً أن الاستثمارات السعودية في أمريكا "ستبلغ 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، وقابلة للزيادة وفق حجم الفرص المتاحة".
من جهته، أوضح وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن العلاقة بين البلدين تعود إلى أكثر من 90 عاماً، مضيفاً أن الاستثمارات الأمريكية في السعودية شهدت نمواً ملحوظاً منذ إطلاق "رؤية 2030"، حيث بلغ رصيدها حتى عام 2023 نحو 202 مليار ريال (54 مليار دولار)، وهو ما يمثل 23% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة.
وبحسب بيانات وزارة الاستثمار السعودية، بلغت تدفقات الاستثمار الأمريكي المباشر إلى المملكة في 2023 نحو 5.5 مليارات ريال (1.5 مليار دولار)، فيما تركزت هذه الاستثمارات في قطاعات النقل والتخزين، والصناعة التحويلية، والأنشطة المالية والعلمية.
ويرى مراقبون أن هذه الحزمة الاستثمارية التاريخية تعكس تحولاً نوعياً في العلاقة بين الرياض وواشنطن، وتؤشر إلى تحالف اقتصادي متين، يوازن بين المصالح الاستراتيجية ويعزز من مكانة السعودية كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، في وقت تشهد فيه الساحة الدولية تحولات حادة في توازنات القوى والنفوذ.
تابع المجهر نت على X