عاجلعاجل

جوازات تعز.. توجهات سياسية في وجه عملية التدوير الوظيفي (تقرير خاص)

جوازات تعز.. توجهات سياسية في وجه عملية التدوير الوظيفي (تقرير خاص)

المجهر- تقرير خاص

أثار الخلاف حول قرار تعيين مدير عام فرع مصلحة الهجرة والجوازات بمحافظة تعز تباينات واسعة لدى الرأي العام المحلي، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد برزت المماحكات على صعيد دوائر القرار الحكومي التي بدت وكأنها تتحرك وفقاً لتوجهات سياسية معينة.

ومن المؤكد أن هذا المعترك السياسي في إطار الحكومة الشرعية لا يخدمها بشيء وهو ما أدركه المستوى الأعلى ممثلاً برئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور/ رشاد محمد العليمي، الذي حسم الخلاف الحاصل معتمداً قرار التعيين.

ورغم أن المسألة لا تبدو أكبر من عملية تدوير وظيفي طبيعية لإدارة مرفق حكومي استمر فيها المدير السابق أكثر من ستة أعوام، إلا أنها تضعنا في طريق الكشف عما كان يدور في كواليس مصلحة الهجرة والجوازات بتعز طيلة هذه الفترة.

تدوير وظيفي

في أغسطس/ آيار من العام 2017م أصدر وزير الداخلية في حكومة بحاح حينها اللواء الركن/ حسين محمد عرب، قراراً بتعيين الرائد دكتور/ منصور طه دحان مديراً لفرع مصلحة الهجرة والجوازات بمحافظة تعز بعد ترشيحه من قبل رئيس المصلحة العامة.

وبذات الآلية تم في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري، تعيين العقيد/ صادق حمود الدباني في نفس المنصب خلفاً لدحان، لكن وعلى غير العادة اعترض محافظ محافظة تعز نبيل شمسان على قرار التعيين باعتبار أن ذلك من صلاحيات رئيس الوزراء.

وفي المذكرة الرسمية التي رفعها المحافظ شمسان، جاء رد رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك بإلغاء قرار تعيين الدباني وإيقاف إجراءات تنفيذه، وكادت الأمور تأخذ شكلاً تصعيدياً.

لكن وبعد قبول رئيس الوزراء الاعتراض المقدم من محافظ تعز والتوجيه بإبقاء المدير السابق، يقول مصدر في مصلحة الهجرة والجوازات بتعز - فضل عدم ذكر اسمه - إن " معين عبدالملك تحفظ عن إبداء أي موقف تجاه الموضوع بعد صدور توجيهات رئاسية صارمة بتنفيذ قرار وزارة الداخلية".

وأوضح المصدر في حديثه لـ"المجهر" أن قرار وزير الداخلية بتعيين الدباني مديرا لمصلحة الهجرة والجوازات في تعز تم بناءً على ترشيح رئيس المصلحة، وهو ما يتوافق مع الإجراءات المعمول بها في التعيينات وفق القانون.

ويضيف أن محاولة بعض الأطراف إبقاء الإدارة السابقة لمصلحة الجوازات بالرغم من مضي أكثر من ست سنوات على تعيين دحان، يضعنا أمام الكثير من التساؤلات حول رفض التدوير في المناصب الإدارية.

لافتاً إلى أن اعتراض المحافظ شمسان ورئيس الحكومة جاء نتيجة توجه سياسي واضح لغرض الإبقاء على المصالح الشخصية. حد وصفه.

تصرف لا مسؤول

أظهر مقطع فيديو متداول على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لحظة اقتحام مبنى مصلحة الهجرة والجوازات بتعز من قبل عناصر مسلحة تابعة للمدير السابق دحان، الأحد الماضي، بعد يوم واحد من استلام المدير الجديد الدباني لعمله وفقاً لقرار التعيين.

وهذا مؤشر واضح لطبيعة الإدارة التي تصر أطراف معينة إبقائها والحفاظ عليها، وهو ما أكده المصدر ذاته أن دحان كان ينظر للمصلحة كمكسب شخصي وملكية خاصة يتصرف فيها بمبدأ المزاجية في تعامله.

ويبين المصدر الذي يعمل في مصلحة الهجرة والجوازات بتعز، أن إدارة دحان تعمدت إقصاء نواب المدير من أي صلاحيات حتى في حال غيابه عن المصلحة، كونه أكاديمياً يقوم بالتدريس في الجامعات. مشيراً إلى أن هذا يعتبر ازدواجية في المهام.

علاوة على ذلك فقد منح المدير دحان صلاحيات لمجموعة من موظفيه سمحت لهم الكسب بطرق غير مشروعة، ومنها بحسب المصدر أن المصلحة سمحت بإصدار جوازات عن بعد لمواطنين من جميع المحافظات عدا المهرة، لافتا إلى أن المدير اتخذ ذلك كمعيار للتعامل مع الموظفين.

وأوضح المصدر أن الصلاحيات التي منحها المدير السابق للموظفين الموالين له سمحت بوجود صفقات فساد في المصلحة، بالإضافة إلى التفريق بين موظفيها من خلال الامتيازات الممنوحة.

والأدهى من هذا وذاك، أن المدير دحان كان يمنح مقربين من محافظ تعز وشخصيات أخرى، صلاحيات مطلقة بإصدار جوازات عن بعد وعن قرب بحكم المصالح الشخصية المشتركة ودون أي مسوغ قانوني. بحسب المصدر.

وأشار إلى أن عملية إصدار هذه الجوازات تتم بعيداً عن الإجراءات والتراتبية التي تفرضها السلوكيات الوظيفية والمسؤولية المنوط بها.

مبدأ الشللية

شهدت مصلحة الهجرة والجوازات بمحافظة تعز في عهد إدارة دحان تهميشاً للكفاءات والأقدمية وحرمهم من أي امتيازات مقابل منحه صلاحيات كبيرة لحاشيته والمقربين منه.

وقال مصدر في مصلحة الهجرة والجوازات بتعز لـ"المجهر" إن المدير دحان منح صلاحيات لشخصيات بدون أن يكون لهم دور رسمي في المصلحة، وبعضهم ليسوا موظفين ضمن المصلحة أساساً".

وأضاف، " مثال على ذلك هناك شخص يدعى عزيز الخامري، استدعاه دحان قبل سنتين من صنعاء ومنحه صلاحيات مطلقة دون أي مسوغ قانوني".

وبدوره ذكر مصدر أمني رفيع في شرطة محافظة تعز، أن الإدارة السابقة متورطة بإصدار جوازات سفر لشخصيات مطلوبة أمنياً وهو ما مكنها لاحقا من مغادرة البلاد.

كما تطرق المصدر – تحفظ عن ذكر اسمه ومنصبه – إلى أن إدارة دحان استغلت إعلان عدم وجود دفاتر خلال الفترة الماضية وقامت بطباعة الجواز الواحد مقابل مبلغ مالي وصل إلى 500 ريال سعودي. قبل أن تتوقف المصلحة لأكثر من أسبوع, على الرغم من توفر أكثر من  15ألف دفتر في المصلحة.

والسبت الماضي جرت عملية التسليم لمدير مصلحة الهجرة والجوازات بمحافظة تعز العقيد صادق الدباني المعين بقرار وزير الداخلية، بواسطة لجنة مكلفة من قبل إدارة عام شرطة المحافظة.

بعد ذلك بيوم، قام مدير عام شرطة تعز العميد منصور الأكحلي، بزيارة تفقدية لمصلحة الهجرة والجوازات بالمحافظة للاطلاع على سير العمل في مرافق المصلحة عقب اقتحامها من قبل عناصر مسلحة يتقدمها المدير السابق منصور قائد دحان.

رسوم إضافية

قدم فرع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بمحافظة تعز ملخصاً بأهم نتائج الفحص والمراجعة لحسابات وأنشطة فرع مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية بالمحافظة، وتضمن الملخص الذي اطلع "المجهر" على نسخة منه، جملة من الملاحظات المتعلقة بالجوانب المالية وكذلك الجوانب الإدارية والفنية في فرع المصلحة.

وفيما يتعلق بالجوانب المالية، أورد ملخص الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة إجمالي مبالغ ما تم تحصيله لحساب فرع المصلحة في البنك المركزي كرسوم مضافة على رسوم الجوازات وغيرها تحت مسمى رسوم العائدات بصورة مخالفة وبدون مسوغ قانوي.

وأفرد الملخص قائمة بالمبالغ المضافة منها لأغراض تشغيلية ومواجهة الكوارث الطبيعية، إلى جانب ما تم صرفه لشراء أصول ثابتة من الحساب الجاري، ومنها مبلغ 24,955,000 ريال لشراء سيارة باسم المدير العام وليست باسم فرع المصلحة بصورة مخالفة لقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية، موضحاً أن المبلغ تم من الحساب المخصص لأغراض تشغيليه وليس لاقتناء أصول ثابتة.

وبالرغم من كمية المصروفات الهائلة تحت بنود مختلفة، إلا أن ملخص الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أفاد بأن العجز المرحل من سنوات سابقة على أمين الصندوق السابق للمصلحة/ نبيل حمود الحزمي، يقدر بـ 8,706,174 ريال يمني، مشيراً إلى أن قضية هذا العجز منظورة حاليا أمام نيابة الأموال العامة.

إلى جانب ذلك، تضمن المخلص ملاحظات متعلقة بالجوانب الإدارية والفنية، عدم وجود توزيع للمهام والاختصاصات المتعلقة بحسابات إيرادات ومصروفات الحساب الجاري، حيث لوحظ قيام شخص واحد بجميع المهام.

ونوه الجهاز في ملخصه بعدم التزام فرع المصلحة بنصوص وأحكام القانون المالي رقم (8) وقانون الوظائف والأجور رقم (43) فيما يخص أوجه الاستحقاق والصرف من عوائد الحساب الجاري لفرع البنك المركزي تعز.

وأرجع مجمل الإشكاليات المالية والإدارية في فرع المصلحة بتعز إلى عدم وجود هيكل تنظيمي معتمد لإدارتها وعدم إعداد موازنة تقديرية لعوائد ومصروفات الحساب الجاري وتبويب مصروفاته وفقاً للموازنة الحكومية.

اقرأ أيضا: اتفاق وشيك.. جهود سعودية مكثفة للدفع بعملية السلام في اليمن تجنُّبًا لتعقيدات المنطقة (تقرير خاص)