صحيفة: تصاعد القصف والجبايات الحوثية يشلّ قطاع الإنشاءات في مناطق سيطرة الجماعة

صحيفة: تصاعد القصف والجبايات الحوثية يشلّ قطاع الإنشاءات في مناطق سيطرة الجماعة

دخل قطاع الإنشاءات في مناطق سيطرة جماعة الحوثي مرحلة شلل شبه تام، بفعل الضربات الجوية المتصاعدة والجبايات التعسفية التي تفرضها الجماعة، ما أدى إلى توقف معظم المشاريع وفقدان آلاف العمال لوظائفهم، في مشهد ينذر بتفاقم الأزمة المعيشية في بلد يصارع واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. 

وبحسب صحيفة "الشرق الأوسط" فقد تزامن التراجع الحاد في أنشطة البناء مع تصاعد التوترات الأمنية، خصوصًا بعد الغارات الجوية الأميركية والإسرائيلية التي استهدفت مواقع حوثية وموانئ استراتيجية، ما أثار مخاوف لدى المقاولين وملاك المعدات من الاستهداف، ودفع العديد منهم إلى إخفاء معداتهم أو تفكيكها خشية المصادرة أو القصف. 

يقول رياض المقطري، وهو معلم سابق اضطر للعمل في البناء بعد انقطاع راتبه: "كنا نكافح من أجل إيجاد فرصة عمل، أما الآن فالأمر أصبح مستحيلًا. اضطررت لبيع ممتلكاتي لإطعام أسرتي، ولم يتبقَّ لي سوى هاتفي الذي أرجو ألا أضطر لبيعه أيضًا". 

ووفق تقديرات غير رسمية، فقد أكثر من 20% من عمال الأجر اليومي وظائفهم في قطاع البناء منذ بدء التصعيد العسكري في البحر الأحمر، فيما تشير المعطيات إلى أن نسب البطالة في هذا القطاع تضاعفت مع اشتداد الحملة الجوية الأخيرة. 

ويعزو مقاولون هذا الانهيار إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، لا سيما الأسمنت، الذي تجاوز سعر الكيس الواحد (50 كجم) حاجز 100 دولار في بعض المناطق، عقب تدمير اثنين من أكبر مصانع إنتاجه جراء غارات جوية. 

وتضاعفت الأزمة مع فرض الحوثيين إتاوات جديدة على شاحنات نقل المواد، حيث تُجبر على دفع ما بين 50 و150 دولارًا عبر نقاط استحدثتها الجماعة في مناطق مثل بني حشيش شمال شرقي صنعاء، تحت طائلة المصادرة أو الاحتجاز. 

ويؤكد باحث اقتصادي في صنعاء أن معظم مشاريع البناء التي صمدت خلال السنوات الماضية كانت بتمويل مباشر من قيادات حوثية أو مؤسسات تابعة لها، لكن هذه المشاريع توقفت مؤخرًا بفعل التهديدات الأمنية، مع لجوء القادة إلى التخفي.

ويشير الباحث إلى أن الجماعة قلّصت بشكل كبير مشاريع البناء المدنية، وركّزت على إنشاء تحصينات عسكرية وسرّية باستخدام مهندسين وعمال موالين لها فقط، ما أبقى القطاع محصورًا ضمن منظومة مغلقة.

كما أدت سياسات الجباية والمصادرة إلى هروب المستثمرين، خاصة من المغتربين الذين يخشون على أموالهم من المصادرة أو التلاعب، في وقت فقد فيه القطاع قدرته على تأمين الحد الأدنى من التشغيل.

ويُعد قطاع البناء من آخر الملاذات التي وفّرت دخلاً لعشرات الآلاف من اليمنيين خلال سنوات الحرب، لكن التدهور المتسارع يهدد بإغلاق هذا الباب نهائيًا، مع غياب أي أفق للحل في ظل التصعيد العسكري والانفلات الاقتصادي.