شنت جماعة الحوثي، حملة قمعية واسعة النطاق في العاصمة المختطفة صنعاء، استهدفت الأسواق الشعبية وعربات الباعة المتجولين، تحت ذريعة "إزالة العشوائيات والمخالفات"، في خطوة أثارت استياءً واسعًا بين المواطنين، وسط تزايد الاتهامات بفرض إتاوات تعسفية وانتهاك مصادر رزق آلاف اليمنيين.
وحسب مصادر محلية، استخدمت الحملة أكثر من 17 آلية عسكرية وعشرات الدوريات، بقيادة عناصر تابعة لما يُسمى بأمانة العاصمة، ومكاتب الأشغال والمرور، وبإشراف مباشر من قيادات حوثية بارزة، بينهم حمود عباد وبكيل البراشي.
وأكدت المصادر أن عناصر الجماعة نفذت اقتحامات لأسواق ومرافق عامة في عدة أحياء من العاصمة، تخللتها اعتداءات جسدية وتهديدات مباشرة للتجار والباعة، بهدف إجبارهم على دفع مبالغ مالية شهرية مقابل السماح لهم بالعمل، فيما تمت مصادرة عدد كبير من العربات والبضائع.
وقال أحد الباعة المتجولين في منطقة "باب اليمن"، إن مسلحي الجماعة طالبوه بدفع 50 ألف ريال بالعملة القديمة شهريًا (حوالي 90 دولارًا) مقابل بقائه في الموقع، وحين رفض الدفع، تعرض للضرب ومصادرة عربته، التي كانت تمثل مصدر دخله الوحيد.
وشملت الحملة تدمير سوق شعبية بالكامل، ومصادرة بضائع من متاجر صغيرة، إلى جانب اختطاف عدد من الباعة، غالبيتهم من أصحاب العربات، في مشهد وصفه ناشطون حقوقيون بأنه "عدوان مباشر على قوت البسطاء"، في وقت يعاني فيه السكان أوضاعًا معيشية خانقة، وانقطاعًا شبه كلي للرواتب، وارتفاعًا متسارعًا في معدلات البطالة والفقر.
وأكد حقوقيون أن هذه الحملة تأتي في سياق سياسة ممنهجة تنتهجها الجماعة لفرض مزيد من الجبايات والضرائب تحت مسميات مختلفة، كـ "الزكاة" و"الدعم الحربي" و"التحسين"، بهدف تمويل أنشطتها العسكرية وإثراء قياداتها على حساب المواطن اليمني.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، تصاعدت وتيرة ابتزاز التجار في صنعاء ومدن أخرى، حيث أُجبر الكثير منهم على دفع رسوم غير قانونية أو إغلاق محلاتهم والهروب إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، هربًا من التضييق الأمني والابتزاز المالي المتصاعد.
ويحذر مراقبون اقتصاديون من أن استمرار هذه السياسات القمعية والجبائية سيقود إلى انهيار ما تبقى من الأنشطة التجارية الصغيرة، ويدفع بالمزيد من المواطنين إلى دوامة الفقر والعوز، في ظل غياب تام لأي دور فاعل للمنظمات الدولية، وعجز الحكومة اليمنية عن التدخل لحماية المدنيين في مناطق سيطرة الجماعة.
تابع المجهر نت على X