تحليل: تحذيرات سعودية ودولية تضع "الانتقالي" أمام اختبار حاسم في حضرموت

تحليل: تحذيرات سعودية ودولية تضع "الانتقالي" أمام اختبار حاسم في حضرموت

تعيش المناطق الشرقية من اليمن، وعلى رأسها حضرموت، مرحلة شديدة الحساسية مع تصعيد عسكري أحادي نفّذه المجلس الانتقالي الجنوبي، قوبل برفض سعودي وإقليمي ودولي واضح، يؤكد وفق مراقبين، عدم القبول بفرض وقائع جديدة بالقوة المسلحة تحت أي ذريعة.

ويرى مراقبون أن ما يجري يتجاوز كونه خلافاً محلياً عابراً، ليشكّل اختباراً سياسياً وأمنياً مركباً، يتقاطع فيه مستقبل التوازن داخل معسكر الشرعية، ومسار الحرب مع الحوثيين، وفرص السلام الإقليمي.

وتشير المعطيات بحسب تحليل نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أن سلوك الانتقالي الأخير يعكس مناورة تحت الضغط أكثر من كونه تحدياً مباشراً، في ظل تضاؤل هامش الحركة أمامه.

وفي هذا السياق، جاءت الرسائل السعودية حاسمة وغير قابلة للتأويل بحسب التحليل، حيث انتقلت من التحذير السياسي إلى الردع الميداني عبر ضربة جوية في حضرموت، بما يؤكد قرار منع تحويل شرق اليمن إلى ساحة صراع داخلي أو فرض مشاريع جزئية بالقوة.

ويحذر مراقبون من أن تجاهل هذه الرسائل يضع الانتقالي في مواجهة مباشرة مع السعودية قائدة تحالف دعم الشرعية، وهو صِدام لا يمتلك أدوات تحمّله سياسياً أو عسكرياً، لذلك ينصحون بالتعامل الجاد مع التحذيرات، والبحث عن مخرج يقلّل الخسائر ويحفظ الحد الأدنى من المكاسب المتراكمة.

وبحسب محللين، أوقع المجلس نفسه في ورطة غير محسوبة بعد تسويق تحركاته بوصفها حماية للقضية الجنوبية ومواجهة للتهريب والإرهاب، غير أن الرسالة السعودية كما عبّر عنها وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، فتحت باب الخروج بأقل الخسائر عبر انسحاب عاجل من حضرموت والمهرة.

وتشير المعطيات إلى صعوبة تثبيت وجود الانتقالي في هاتين المحافظتين، في ظل رفض محلي واسع، وحساسية اجتماعية وقبلية عالية تجاه أي قوات وافدة، إضافة إلى غياب الغطاء الإقليمي والدولي، ووضوح الموقف الرافض لتغيير الواقع بالقوة.

ويرى مراقبون أن السيناريو الأقل كلفة يتمثل في انسحاب منظم تحت مسميات "إعادة انتشار أو ترتيبات أمنية"، بما يجنّب المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزُبيدي، خسائر سياسية أكبر.

أما المضي في التصعيد، فسيؤدي وفق التقديرات، إلى خسائر سياسية قد تصل إلى عقوبات دولية، وردع عسكري مباشر، فضلاً عن تعميق الفجوة الشعبية وتشويه جوهر القضية الجنوبية عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات.

وفي السياق، يشكّل ملف تصاعد الانتهاكات في حضرموت منعطفاً خطيراً، حيث وثقت تقارير حقوقية مداهمات واعتقالات تعسفية وإخفاء قسرياً وحصار مناطق مأهولة، ما يضع الانتقالي أمام تبعات قانونية وسياسية دولية محتملة.

ويتلخص المشهد بحسب التحليل، بأن ما يحدث هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي؛ فإما العودة إلى المسار السياسي واحتواء الخسائر، أو الاستمرار في التصعيد ودفع أثمان سياسية وعسكرية وقانونية باهظة، في حين يؤكد مراقبون أن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يسيء قراءتها سيتحمل نتائجها وحده.