تقرير أمريكي: الحوثيون يصعّدون ضد الملاحة الدولية بنشر صواريخ مضادة للسفن في البيضاء

تقرير أمريكي: الحوثيون يصعّدون ضد الملاحة الدولية بنشر صواريخ مضادة للسفن في البيضاء

كشف تقرير تحليلي نشرته مجلة The Maritime Executive الأمريكية، عن قيام جماعة الحوثي الإرهابية، بنشر صواريخ مضادة للسفن في منطقة مكيراس بمحافظة البيضاء، وسط اليمن، في ما يعتبر تطوراً خطيراً قد يوسّع نطاق تهديدات الملاحة إلى كامل مسار خليج عدن، أحد أهم الممرات البحرية الدولية.

وأوضح التقرير، أن الهجوم الذي شنّه الحوثيون في 29 سبتمبر/أيلول على سفينة الشحن الهولندية "إم في مينرفاغراخت" (IMO 9571521) يمثل مؤشراً واضحاً على انتقال العمليات الحوثية من البحر الأحمر إلى مياه خليج عدن.

وبحسب تقارير هيئة عمليات الشحن البحري البريطانية (UKMTO) بأن محاولات اعتراض ابتدائية فشلت، ما أدّى إلى إصابة السفينة بصاروخ ثانٍ وإشعال حريق فيها.

ونسّقت بعثة الاتحاد الأوروبي "أسبيدس" عملية إجلاء، حيث قامت الفرقاطة اليونانية HS Spetsai (F543) من طراز MEKO 200 بإخلاء دفعة أولى من أفراد الطاقم، بينهم مصابون، ثم أجبرت مروحية من فرقاطة فرنسية لاحقاً على إجلاء ثمانية من أفراد الطاقم المتبقين، فيما لا تزال السفينة المهجورة طافية في خليج عدن، ما يجعلها خطراً ملاحياً محتملاً.

وأعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع في 30 سبتمبر/أيلول مسؤولية جماعته عن استهداف السفينة، وزعم أن مالكيها يمتلكون سفناً زارت موانئ إسرائيلية، مؤكداً أن هجماتهم ستستمر ضد السفن التي تعتبرها الجماعة مرتبطة تجارياً بإسرائيل.

وقدّم الحوثيون قائمة بالشركات التي وصفوها بـ"الخاضعة للعقوبات" تضمنت شركات نفطية كبرى بينها إكسون وموبيل وشيفرون وكونوكو فيليبس وتسع شركات أمريكية أخرى.

ويرجّح التقرير أن هذا الموقف يشي عملياً بانتهاء اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه سلطنة عُمان بين الحوثيين والولايات المتحدة في مايو/أيار الماضي، وهو ما قد يقرع جرس إنذار لدى المجتمع الدولي بشأن استدامة أي هدوء سابق.

وحتى الآن، ترتكز هجمات الحوثيين في مياه خليج عدن غالباً إلى طائرات مسيرة بعيدة المدى أو زوارق هجومية مدعومة بسفينة أم، لكن ما يميّز هجوم 29 سبتمبر هو ما أشار إليه التقرير من احتمال استخدام صواريخ كروز مضادة للسفن، أُطلقت، بحسب رجال قبائل محليين، من منطقة مكيراس الخاضعة لسيطرة الحوثيين في محافظة البيضاء.

التقرير يشرح أن مسار الإطلاق المحتمل يتضمّن تحليق الصاروخ فوق منطقة جبلية تسيطر عليها الحكومة لمسافة تقارب 80 كيلومتراً، ثم نحو الساحل لمسافة إضافية تقارب 160 كيلومتراً، ما يجعل الوصول إلى أهداف في خليج عدن—منطلقاً من مكيراس—قابلاً للتنفيذ من الناحية الفنية.

ورغم ذلك، يشير التقرير أيضاً إلى أن مخزونات الصواريخ لدى الحوثيين ربما تضررت جراء ضربات إسرائيلية لاحقة استهدفت مرافق تخزين.

في الهجوم قصير المدى ضد "مينرفاغراخت"، يذهب التقرير إلى أن الجماعة ربما استخدمت نظام صاروخي مزوّد بتوجيه راداري نشط (مثال محتمل: منظومة شبيهة بـ"مندب-2" المبنية على عائلة "نور/غدير") مما يفسر دقة الإصابة النسبية في ظروف البحر المفتوح.

ويسلّط التقرير الضوء على أن الحوثيين يمتلكون سجلاً من الهجمات الباليستية وصواريخ كروز وطائرات "صماد-3" على أهداف بعيدة، حتى داخل إسرائيل بحسب التقرير، مستخدمين صواريخ مثل "فلسطين-2" و"قدس" و"بركان-3" المستمدة تقنياً من تصاميم إيرانية أو روسية.

ومع ذلك، ينوّه التقرير إلى أن صواريخهم المضادة للسفن أو الباليستية كثيراً ما تفشل في إصابة أهداف متحركة إلا عند وجود عوامل مساعدة مثل مراقبة ميدانية نهائية من قوارب صيد متخفية.

ويؤكد التقرير أن خليج عدن يمثل هدفاً استراتيجياً لعدة أسباب؛ أبرزها أنه يمرّ عبره ممر النقل البحري الآمن (MSTC) الذي يربط حركة التجارة عبر قناة السويس، بالإضافة إلى خطوط ملاحة متجهة إلى جيبوتي وشرق أفريقيا ورأس الرجاء الصالح، ما يعني تعرّض متزايد للسفن في هذا الشارع الملاحي قد يفاقم اختناقات في سلاسل الإمداد الدولية ويهدد الأمن البحري العالمي.

ويرجّح التقرير أن الحوثيين قد يوجّهون مخزونهم المحدود من الصواريخ بعيدة المدى لأهداف بالغة الأهمية في إسرائيل، بينما يستخدمون أنظمة أقصر مدى أو قدرات تكتيكية لضرب أهداف في خليج عدن.

ويمثل نشر صواريخ مضادة للسفن في مكيراس وفق تقرير The Maritime Executive تحوّلاً جدياً في نمط تهديدات الحوثيين، من هجمات جوية ولوجستية إلى هجمات صاروخية بعيدة النطاق لها آثار مباشرة على أمن الملاحة في خليج عدن.

الحادثة تُعيد فتح ملف استدامة الاتفاقات المؤقتة للهدوء في المنطقة، وتطرح تساؤلات حول قدرة المجتمع الدولي والبعثات البحرية الدولية على حماية ممرات الشحن الحيوية، خصوصاً إذا استمر استهداف السفن وظهرت صعوبات في استئصال شبكات إمداد أو تخزين الصواريخ.

كما لا بد من الإشارة إلى أن الحادثة لا تزال تحمل متغيرات عدة من مدى توافر مخزونات الصواريخ لدى الحوثيين إلى أدوار القوات الدولية والجهات الساحلية المحلية، ما يجعل مراقبة تطورات الوضع في الأيام والأسابيع المقبلة أمراً بالغ الأهمية لرسوخ أمن الملاحة الدولية.