يشكّل إطلاق جماعة الحوثي الإرهابية، صواريخ انشطارية باتجاه إسرائيل في 22 أغسطس الجاري تصعيدا إيرانيا بارزا عبر ذراعها في اليمن، في خطوة تعكس، بحسب باحثين، إصرار طهران على استخدام الحوثيين كأداة لتأكيد حضورها ونفوذها في أي تسوية مستقبلية بشأن غزة.
الباحث في مركز صنعاء للدراسات حسام ردمان، يرى أن إيران تستخدم الحوثيين للحفاظ على موقعها في أي تفاهمات تخص غزة ولبنان، بعد تراجع نفوذها في العراق والضغط الكبير على حزب الله في لبنان.
ويضيف ردمان في منشور له على "فيسبوك" أن هدف طهران لم يعد إسناد المقاومة بقدر ما هو تعطيل أي تسوية سياسية لا تراعي نفوذها، ما يجعل إنهاء التهديد الحوثي شرطا لإنهاء حرب غزة، وليس العكس.
وتستغل إسرائيل الهجمات لتفادي الضغوط، بحسب ردمان، منوهاً بأن الهجمات الحوثية جاءت في لحظة سياسية حرجة على حكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه ضغوطا داخلية وخارجية متزايدة بعد قبول حماس بمقترح الهدنة، وزيادة الاعترافات الدولية بدولة فلسطين.
لكنه أشار إلى الهجوم الصاروخي الذي فشلت الدفاعات الإسرائيلية في اعتراضه، مكّن نتنياهو من تحويل الأنظار عن غزة وإبراز التهديد اليمني، بما يوفر مبررا لاستمرار الحرب.
من جانبه، يوضح الباحث السياسي د. مصطفى ناجي الجبزي، أن الحوثيين تحولوا من "تابع للتابع" إلى عنصر محوري في الاستراتيجية الإيرانية، إذ بات اليمن يشكل قاعدة عسكرية متقدمة لطهران مقابل ما تقوم به إسرائيل في المنظومة الغربية.
ويؤكد الجبزي في منشور على صفحته في "فيسبوك"، أن الصواريخ الحوثية ليست موجهة لإحداث خسائر فعلية في إسرائيل، بقد ماهي لإيصال رسائل سياسية تضمن حضور إيران في أي صفقة سياسية تخص غزة أو حماس.
ويتفق مع ذلك الجغرافي الفرنسي "بيرنار هوركار"، الذي أشار في مقال نشره عام 2024 إلى أن "حرب إيران مع إسرائيل سياسية بالأساس وليست عسكرية"، وأن طهران تقاتل عبر وكلائها بأفعال رمزية أكثر من كونها مواجهة مباشرة.
ويرى هوركار أن الحوثيين مثل حزب الله، ينفذون أدوارا محسوبة في إطار "معركة رمزية" تهدف للحفاظ على مفهوم "وحدة الساحات" وشرعية الدور الإيراني.
ويحذر الباحث مصطفى الجبزي، من أن التصعيد الأخير ينذر بتحول اليمن إلى ساحة مواجهة مباشرة مع إسرائيل، مع تزايد احتمالات تعرض صنعاء ومدن أخرى لغارات جوية إسرائيلية، وهو ما يفاقم من معاناة المدنيين ويعسّكر الحياة اليومية في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويرتبط التصعيد الحوثي بتثبيت موقع إيران في المعادلة الإقليمية ولم يعد مرتبطا بدعم غزة، وفي حين تستفيد إسرائيل من هذه الهجمات للهروب من الضغوط السياسية، يظل اليمن وفق هذه الإستراتيجية، المسرح الأكثر عرضة للاحتكاك المباشر في الصراع الإيراني – الإسرائيلي.
تابع المجهر نت على X