عشر سنوات مرّت منذ لحظة السقوط، مثقلة بالخراب والدمار والخذلان. ففي الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، وقعت صنعاء في قبضة الميليشيات. ليبدأ فصل جديد من المأساة اليمنية.
منذ ذلك اليوم، تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي بما يقارب 58 في المئة، وخسر الاقتصاد نحو 90 مليار دولار، وفقاً للبنك الدولي. أما الأمم المتحدة فتؤكد أن ما يقارب 19.5 مليون يمني باتوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. أرقام صادمة تختصر حجم المأساة.
المفارقة أن من يرفعون شعار «الموت لأمريكا» يعيشون حياة مترفة على النمط الأمريكي: قصور، وشركات، وحسابات مصرفية تموّلها إيرادات الموانئ التي تدر نحو 790 مليون دولار سنوياً. وفي الوقت نفسه ينهبون مليارات الريالات من جمارك الحديدة، بينما يواجه الشعب الجوع والحرمان.
أما الضحايا فهم الوجه الأكثر قسوة في هذه المأساة: آلاف الأطفال جُندوا قسراً وحُرموا من مدارسهم، وأكثر من 22 ألف طفل تأثروا بالتجنيد أو القتل أو التشويه، وفق تقارير أممية. وعشرات الصحافيين دفعوا حياتهم ثمناً لمحاولتهم قول الحقيقة، حتى إن أحد السجانين اعترف بوقاحة: «نتقرب إلى الله بتعذيب الصحافيين». جملة تختصر طبيعة منظومة القمع التي جعلت اليمن من أخطر أماكن العالم لمهنة الصحافة.
ولم يكتفوا بذلك، بل أعادوا إحياء نظام عنصري سلالي بغيض قائم على ادعاءات التفوق الهاشمي على بقية اليمنيين. عنصرية ممنهجة تشبه الممارسات الصهيونية التي يزعمون محاربتها. فبينما يصرخون «الموت لإسرائيل»، يطبقون نسخة يمنية من الأبارتهايد ضد شعبهم.
وعلى الصعيد الخارجي، لم تحرر مغامرات البحر الأحمر شبراً في فلسطين كما يُزعم، بل جلبت عزلة دولية خانقة. وحوّلت القضية الفلسطينية إلى غطاء لتجنيد الأطفال وتبرير الصراع، بينما تُستنزف موارد اليمن في حروب إقليمية لا ناقة لليمنيين فيها ولا جمل.
وبرغم كل هذا الخراب، يبقى الشعب اليمني، من صنعاء إلى تعز ومن عدن إلى صعدة، رافضاً لحكم الميليشيا. فذاكرة الشعوب أطول من عمر السلاح، وكرامة اليمنيين أرسخ من الطغيان. سيأتي اليوم الذي تُطوى فيه هذه الصفحة السوداء، ويعود اليمن إلى أبنائه، مستعاداً من الذين صادروا أحلامه وموارده.
تابع المجهر نت على X