الحوثي: "الدَّبور المنحوس" كامل الأوصاف. المكر الحوثي؟ أم المكر الإسرائيلي؟

"الدَّبور"، كلمة فريدة موجودة في اليمن فقط.

وتطلق على الشخص الذي يلحق الضرر بنفسه وأسرته وأصدقائه وبلاده بتصرفاته وأفعاله.

ينحس نفسه وكل من حوله.

هذا التعبير لا مثيل له في البلدان العربية الأخرى، وهو من كنوز العامية اليمنية.

 

عندما يحارب الحوثي اليمنيين والسعوديين والمسلمين السنة وأمريكا واسرائيل في نفس الوقت، فإن هذا يستحق وصف الدبور المطلق الكامل الأوصاف.

 

**

أولا: هل الحوثي يفكر؟

**

 

الحوثيون، يقصفون اسرائيل ولا يلحقون بها أضرارا تذكر.

وعندما تضربهم اسرائيل فإن الغرامة دائما فادحة.

 

هل هذه بطولة من الحوثيين، كما يقولون؟

أم أنها بلادة مؤكدة كما يقول كل الناس؟

أم إنه "الدَّبور"؟

 

الحوثي، معه عقلان:

١- عقل الدرويش

٢- عقل الثعلب المكار.

 

عقل الدرويش، به الكثير من البلادة وعالم اللا معقول.

عقل الثعلب المكار، به الكثير من الحيل والإحتيال والمخالب والأنياب.

والحوثي، يتقلب بين عقل الدرويش وعقل الثعلب بمهارة وشطارة يمكن الإعتراف بها حتى من أعدائه.

وقد حققت له خلطة الدرويش والثعلب انتصارات لا بأس بها

 

**

ثانيا: الترويج الحوثي بالدروشة

**

 

الركوب فوق عربات النضال والمقاومة والفداء والإيمان والشهادة والعروبة والشهامة والإنسانية.

هذه العربات "الحوثية" تجد الكثير من القبول بين كل المتعاطفين مع أهل غزة والفلسطينيين في كل أنحاء العالم حتى داخل أوروبا وأمريكا.

عندما يرون ما يحدث للفلسطينيين كل يوم، فإنهم لا يتوقفون لفحص هوية الحوثي ولا طريقة تفكيره ولا ما يريده.

 

العالم كله، متعاطف مع أهل غزة والحوثيون يركبون فوق كل عربات التعاطف المناسبة.

 

هذه هي وسائل تنقل الدرويش الحوثي:

١- مشاعر الرسالة السماوية

*

يقول الحوثي الدرويش:

أي عمل يقومون به ضد “العدو البعيد” (إسرائيل، أمريكا) إنما هو تكليف إلهي وليس عملية عسكرية تقاس بالنتائج.

 

٢- الاستخدام السياسي للدعاية

*

الحوثي الدرويش، يخرج الحشود للهتاف وإطلاق الصرخة الخمينية.

طالما أن الجمهور يصفق أو يشعر أنهم “ممانعة”، فقد تحققت الغاية.

أصلا، إسم هذه اللعبة، هو: "الممانعة".

 

٣- تحويل الخسارة إلى ربح

*

الحوثي الدرويش، يغسل مخ الناس.

عندما تُصفّي إسرائيل قياداتهم، يُحوّلون الموت إلى “شهادة”، والهزيمة إلى “برهان على صمودنا”.

في ذهنهم، الدم يغذي الرواية، ويُكسبهم تعاطفا داخليا وخارجياً.

 

٤- تصدير الأزمة

*

الحوثي الدرويش، يروض وعي الناس ويتلاعب بالإيمان.

يعيش الحوثي على قاعدة: 

“اضرب إسرائيل أو أمريكا إعلامياً، لتنسى الناس جوعها وقمعك وضرائبك في صنعاء.”

 

إذا فشلت الضربة: “هكذا أراد الله.”

إذا شعرت اسرائيل بالإهانة: “هذا نصر إلهي عظيم.”

في كل الأحوال، العقل الحوثي محصّن ضد الاعتراف بالفشل.

 

**

ثالثا: شطارة ومكر الحوثي الثعلب

**

 

الحوثي الثعلب، مارس المكر والشطارة والحذق والمقامرة والمغامرة والبطش ضد الرئيس صالح وعائلته وجيشه وأمنه ومخابراته، وضد أحزاب اليمن وضد قبائل اليمن، وضد نخب ومثقفي اليمن، وضد شرعية اليمن وضد السعودية وضد الإمارات، ويمكن القول بأنه انتصر عليهم كلهم.

 

ثم قامر الحوثي وغامر مع أمريكا، وتعرض لضرب من ترامب لمدة ٥٢ يوم، وانتهت هذه المغامرة بمثل كل نهايات مغامرات ترامب: "لا شيئ".

لكن استفاد الحوثي مهابة أن الثعلب كسر إرادة ترامب.

 

**

رابعا: مكر الحوثي؟ أم مكر اسرائيل؟

**

 

قتلت اسرائيل رئيس وزراء الحوثي يوم الخميس الماضي مع مجموعة من الوزراء والمسؤولين.

أنكر الحوثيون مقتل القادة في نفس اليوم، ولكنهم أقروا يوم أمس السبت بقسوة الضربة الإسرائيلية وفداحة الغرامة.

ثم فضحت اسرائيل الحوثيين يوم الجمعة

 

وول ستريت جورنال

*

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال، يوم أمس:

"صرح مسؤول اسرائيلي في بيان يوم الجمعة، أن المقاتلات النفاثة قصفت قاعة مؤتمرات وقضت على أكثر من دستة من كبار المسؤولين الحوثيين داخل."

"استخلصنا معلومة استخبارية وسنحت فرصة قصيرة من الوقت لننتهزها وكان يجب علينا الضرب على وجه الدقة وبأقصى سرعة وفي اللحظة المناسبة قبل أن تضيع."

 

نيويورك تايمز 

*

يوم أمس أيضا نشرت تقريرا مطولا عن تفاصيل اختراق اسرائيل لإيران، وعن وسائل قتل عشرات الجنرالات أثناء حرب ال ١٢ يوم قبل شهرين.

ونستطيع أن نتوقع أن اسرائيل تقوم بنفس الشيئ مع الحوثيين.

 

الثعلب الإسرائيلي

*

تستطيع مخابرات اسرائيل تحديد بنك أهداف مسبقا وتضع المواقع كلها تحت المراقبة.

وعندما ترصد اسرائيل أن هواتف كل الحراس والمرافقين للكثير من كبار المسؤولين قد تجمعت في مكان واحد.

فإنها تلتقط صور هذا الموقع في الحال وتشاهد كثافة السيارات والحراسات.

ويقرر المراقب الإسرائيلي أن هناك فرصة سانحة ولكن مدتها قصيرة للغاية.

 

جاهزية الثعلب الإسرائيلي 

*

وهذا أكبر اختبار لجاهزية الثعلب الإسرائيلي الذي ربما كل ما معه هو ثلاث ساعات ليصل من اسرائيل إلى قاعة المؤتمرات في صنعاء.

 

وفعلا أرسلت اسرائيل الطائرات النفاثة بسرعة وقامت بالقصف بدقة.

 

وتستطيع الأقمار تصوير الموقع المضروب فورا ورصد من خرج ومن لم يخرج ومتابعة حركة سيارات الإسعاف ونقل الجرحى إلى المستشفيات.

 

ويمكن أن يستنتج الإسرائيليون طريقة تفكير الحوثيين عندما يسارعون إلى الإنكار ثم يلتزمون الصمت لأيام، فهذا يؤكد أن الضربة أصابت هدفاً ثميناً.

 

اسرائيل، تحصل على أرقام الهاتف السيار عن طريق عملاء محليين لكل الحراس والمرافقين والمساعدين لكبار المسؤولين والجنرالات.

وتستطيع اسرائيل تعقب تحركات الحراس والمرافقين برصد تليفوناتهم بوسائل عديدة.

والمعروف أن اسرائيل ترصد الحوثيين عن طريق الأقمار الصناعية وتستطيع أن تضبط مدار الساتيللايت بحيث يكون دائما محلقا فوق اليمن وبنفس سرعة دوران الكرة الأرضية.

 

**

خامسا: الثعلب الإيراني يأكل العصيد

**

 

الإيرانيون وحزب الله وبشار الأسد، هم أيضا من أشهر ثعالب منطقة الشرق الأوسط وقد نجحوا نجاحا باهرا بافتراس كل خصومهم الذين اكتفوا بالاختباء في حظائر الدجاج داخل إيران ولبنان وسوريا.

 

وكانت هناك ملاحم ومعارك كبرى واشتباكات يومية على مدار السنين مع ثعلب اسرائيل انتهت كلها بخلع أنياب ومخالب الثعلب الإيراني والثعالب الوكلاء.

 

وأصبحت ثعالب إيران تأكل العصيد في النهار وتحلم كل ليلة بطعم لحم الدجاج في المنام.

 

الرعب يملأ الآن صدر الثعلب الحوثي من خلع أنيابه ومن أكل العصيد ومن الحرمان من أكل الدجاج.

 

خاتمة

*

السعوديون والإماراتيون، ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء كل الثعالب لتطيب لهم الحياة الناعمة مع الثعالب الدولية الأكبر التي لا تلتهم كل الدجاج.

 

اليمنيون- وحدويون وانفصاليون- ينتظرون اليوم الذي يقتات به الحوثيون على العصيد ويغمسونه بدموعهم ويهلكون بفقر الدم وسوء التغذية

… ويعودون هم للتصارع حول الفتات مما قد يتبقى من دجاج.

 

بين دبور الحوثي وثعلب إسرائيل، يبقى اليمنيون هم الضحية الحقيقية.

 

أمامنا أيام من مواجهات بين ما تبقى من الثعلب الحوثي وما يزداد تغوله ومكره من أفعال الثعلب الإسرائيلي.

 

عبدالقادر الجنيد

٣١ أغسطس ٢٠٢٥