الحرب على إيران.. من الضربة القاصمة إلى الضربة القاضية

قالها مسؤول إسرائيلي بوضوح إن الكيان وجه ضربة قاصمة لإيران، والولايات المتحدة هي من يستطيع توجيه الضربة القاضية. هذا يعني بوضوح أن الكيان يغرق في مهمة عسكرية كارثية بدأها بضربة استباقية نُفذ مُعظمها من الداخل عبر جواسيس مباشرين وعملاء إيرانيين.

 

الضربة القاصمة الإسرائيلية إذاً؛ لم تعطل البرنامج النووي ولم تقض على الصواريخ ولم تقطع أنفاس الدولة الإيرانية، وهذا لا يعني سوى أننا أمام حرب استنزاف، أكثر الطرفين حساسية من هذا النوع من الحروب هو الكيان الإسرائيلي، الذي يتكبد خسائر فادحة في بنيته التحتية والصناعية، وبدأت حالة الاعتياد تتخلق لدى الغرب والأنظمة الغربية "الصهيونية" الميول والولاء والعقيدة، إزاء مشاهد الدمار في الكيبوتسات المتطورة والمرفهة في مناطق تل أبيب وحيفا والجليل والقدس، التي بني معظمها بأموال الألمان مدفوعين بعقدة "الهولوكوست"، إلى جانب التمويلات الغربية ويهود الغرب.

 

بدأ نتنياهو وفريق حكمه اليميني المتطرف، يفقدون الشعور بالزهو من نتائج الضربة الاستباقية، وبدأوا يشعرون بوطأة النزيف المادي والمعنوي والاستراتيجي الذي تسببه الدفعات المتلاحقة من الصواريخ الإيرانية، وهذا الشعور بخيبة الأمل يسيطر على موقف المتحمسين في إدارة ترامب، الذين ربما اعتقدوا أن الضربة الإسرائيلية التي كان يفترض أن تعزز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، وتُحيِّد إيران، بدأت تتحول إلى حرب استنزاف، لا يتحملها الكيان.

 

النفوذ الصهيوني في واشنطن، بدأ على ما يبدو يدفع إدارة ترامب إلى مقاربة أكثر خشونة تجاه التطور العسكري في المنطقة وانتشال نتنياهو من ورطة الحرب، ، عوضاً عن الذهاب إلى مقاربة دبلوماسية لا تحتاج معه واشنطن معه سوى إلى هدنة وإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات.

 

 استدعاء حاملة الطائرات الأمريكية (يو أس أس نيميتز)، وهي الأكبر على مستوى العالم، من منطقة المحيط الهادي إلى المنطقة، يعني أن الحرب تتحرر بصورة متسارعة من قواعد الاشتباك، وتمضي قدماً نحو التوسع الكارثي، وتكاد تستنسخ كارثة الحرب على غزة، خصوصاً بعد الدعوات لسكان المنطقة الثالثة في طهران بالإخلاء، حيث باشرت بالفعل بقصف مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الواقعة في المنطقة الحيوية ويعمل فيها أكثر من (30) ألف موظف.

 

ترامب في مؤتمر صحفي قصير مع رئيس وزراء كندا أثبت رده المقتضب على سؤال بشأن التدخل العسكري لبلاده في الحرب الإيرانية الإسرائيلية بأنه يتجه نحو هذا الطريق، رغم أنه اكتفى بالقول إن إيران لن تكسب الحرب، تاركاً للإجراءات الميدانية والتحشيد الأمريكي، الإجابة على هذا السؤال، وهذه المرة تعاود أمريكا فرض حروبها غير العادلة على منطقتنا معبرة عن سلوك استعماري منحاز بشكل واضح إلى الأجندة الصهيونية ومتطلبات الدعم المطلق لإسرائيل. 

سينسى العالم ربما المفاعلات النووية وسينشغل بمتابعة الدمار الذي تخلفه الحرب في طهران، وفي تل أبيب أيضاً، وسيتعين على أمريكا أن تبرهن للعالم حجيتها وراء وقوفها خلف حروب الإبادة التي يخوضها نتنياهو بفضل سلاح أمريكا ودعمها المطلق لكيانه.